كنتُ قد آليتُ على نفسي ألا أكتب في السياسة، ذلك لأني شعرتُ أنني سأكون كمن يحفر في تلّ من الرمل، خاصةً بعدما أصبح حتى بعض وزراء الخارجية يكتبون في الصحف العالمية، ويطرحون ذات الأسئلة التي يطرحها الصحافيون حول قضايا الساعة، ما يجعلك تتساءل: إذن من الذي يُدير لعبة السياسة؟، غير أني سأتحلل من التزامي مؤقتًا هذه المرة، لا لأكتب موضوعًا سياسيًا، فهو ليس تخصصي، وإنما فقط لأطرح سؤالًا أخشى إن لم أكتبه أن يعلق في حلقي فأغصّ به، وأرجو ألاّ يعاتبني أحد على هذا التهوّر على قاعدة "أن من أكل بيضة فقد أكل دجاجة!!".

ففي الأشهر القليلة الماضية، ونتيجةً لما عدّه البعض اخفاقًا من قبل السلطات الأميركية في التعامل اللائق مع جائحة كورونا، انبرى إعلام الممانعة للتبشير بنهاية أميركا، وسقوطها كقوة عظمى منفردة، وتفكك فيدراليتها، وقد انضمّ لهذه الموجة عدد كبير من أطياف إعلامية مختلفة، سواءً من كان يحاول إبراز عضلاته الإعلامية بشتم القوة الأعظم بالصراخ كفيصل القاسم، أو من يريد أن يسترضي من يرفعون شعارات الموت لأميركا، بينما هم يغازلونها في السر صباح مساء، وقد وجد طلال أبو غزالة ضالته في هذه النظرية فأصبح يتنقل من فضائية لأخرى، بعدما فرغ من تصوير أنقاض الولايات المتحدة في أذهان مشاهديه، قافزًا فوق بزوغ الصين كقوة عظمى بديلة إلى ما هو أبعد، وذلك بتسمية البلد الذي سيرافق الصين إلى عرش العظمة الدولية فتارةً يُقدّم الهند، وأخرى يقدّم غيرها، وهكذا. المهم أن أميركا في أذهان الممانعين قد أصبحتْ أو تكاد تكون هباءً منثورًا. وفجأةً أعلن عن إصابة ترمب بكوفيد - 19، فتلونت البورصات العالمية باللون الأحمر، وانهارت أسواق النفط، وارتفع سعر الدولار أمام العملات الرئيسة، ووو.. بنفس الوقت الذي ذهبتْ فيه أبرز قيادات الممانعة ممثلة في السيد نبيه برّي لمطالبة هذا (البلد المنهار)، والواقف فقط على كعب أخيل للتوسط في ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل برضا إيران وكل العمائم والممانعين بسيوف من خشب(؟).

(شلون)؟.. (كيف)؟، لا أدري.

هل يبدو أنني أدافع عن أميركا؟، معاذ الله، لكني أمقت هذا (الهياط السياسي) الذي جعل البعض يلعنون أميركا في العلن، وينامون فَجرًا وفُجرًا على أرصفة سفاراتها سرًا بحثًا عن سمة دخول!.