رضخت جوجل للضغوط العالمية من قبل المنظمين والمشرعين، ووافقت على دفع بعض الناشرين مقابل محتوى الأخبار في تحول استراتيجي كبير من قبل عملاق إعلانات البحث، وقد أعلنت الشركة التي تبلغ تكلفتها 978 مليار دولار (1.4 تريليون دولار)، والتي تقاوم منذ فترة طويلة دفع الناشرين مقابل المحتوى، وقد كشفت أنها وقعت شراكات مع ناشرين في ألمانيا والبرازيل وأستراليا وغيرها من دول العالم المتقدم.

خطوة في الاتجاه الصحيح، فالأخبار والصور والأحداث ونشر المقالات بالمجان استفادت منه جوجل في توسيع إمبراطوريتها المالية، بينما تخسر دور النشر بسبب مجانية نشر محتوياتها، وهو ما يعني أننا ندخل في عصر جديد، فمحركات البحث التي تحصل على معلومات ومحتويات هائلة بالمجان قد ولى عصرها، ولم يعد لجوجل وغيرها من محركات البحث إلا الدفع مقابل الحصول على المحتوى الإعلامي، وينطبق ذلك على وكالات الأنباء ومختلف الدور التي تقوم على إصدار المعلومات والأخبار أو أي منتجات أخرى..

بينما في العالم العربي وعلى وجه التحديد في السعودية، تساهم دور النشر ووكالات الأخبار السعودية ومصادر المعلومات، وأراشيف الصحف والمكتبات الرقمية في تضخم دور جوجل وغيرها، بينما تخسر مالياً بسبب اختلاف وتطور وسائل النشر، إذ لم يعد الإعلان وبيع الجرائد الورقية يفي بالتزامات المؤسسة الإعلامية أو دار النشر.

ولهذا يجب أن تتحد مختلف دور النشر والإعلام السعودية في المطالبة بحقوق مالية مقابل للحصول على المحتوى الصحفي أو الإعلامي، وحتى صور الأحداث، وهو تحول جديد في مسار الإعلام الرقمي إذا أرادوا الخروج من أزمتهم المالية، وربما يحتاج الأمر إلى مزيد من تحسين قدراتهم في الأرشفة، ووضع معايير قانونية لحفظ المحتويات.

منذ قدوم شبكة الإنترنت، والمعايير والأساليب القديمة في انحسار، وإذا لم نواكب الركب العالمي، فستنتهي دور النشر بإعلان إفلاسها، فالطرق القديمة انتهت صلاحيتها، ولهذا من المفترض أن تكون هناك قيمة لما ينشرون، فالمعلومة أصبح لها ثمن، ودور النشر والإعلام تحولت إلى مكتبة رقمية لتاريخ الأمم في العصر الحديث.

كان آخر هذه الاتفاقات ما قامت به جوجل يوم الأربعاء عن اقترابها من إبرام صفقة حقوق نشر رقمية مع الصحف الفرنسية، والتي ستكون الأولى بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى ضمان حصول ناشري الأخبار على أموال مقابل المحتوى المعروض في نتائج البحث، وقد ذكرت الشركة في بيان مشترك مع جمعية تمثل ناشري الصحف الفرنسية، أنه تم التوصل إلى النقاط الرئيسية للصفقة، بما في ذلك اتفاق جوجل على تقاسم عائدات الإعلانات الناتجة عن عرض نتائج الأخبار.

من هذا المنطلق يجب أن تتحد دور النشر السعودية، وتبدأ مطالبة قانونية بحفظ حقوقها، وبالتالي الحصول على حقوق مالية مقابل نشر جوجل وغيرها محتوياتها، وأيضاً الحصول على مقابل الإعلانات التي تشكل دخلاً كبيراً على جوجل وغيرها، فهل تتحرك للحد من استغلال النشر المجاني لمحتويات دور النشر السعودية في محركات البحث العالمية؟.