اعتذر عادل إمام عن تقديم مسلسل تليفزيونى فى رمضان القادم، بعد (فالنتينو)، كما أنه أرجأ عودته مجددًا للسينما بعد غياب امتد عشر سنوات بعد (زهايمر)، مما دفع البعض للتساؤل: هل حقا اعتزل عادل بنعومة؟.

تركيبة عادل النفسية لا تتوافق مع الانسحاب المفاجئ أو حتى التدريجى خطوة خطوة، أظنه ينتظر شيئا قادما يدفعه للوقوف مجددا أمام الكاميرا، المسلسلات الأخيرة لم تحقق الانتعاش الذى يرضيه، أترك جانبا تماما ما يقوله قبل وأثناء وبعد عرض المسلسلات، لا تتوقع أبدا من فنان محترف أن يقف أمام الناس ويعلن أنه غير راض، ليس لدينا أبدا هذه الثقافة، بداخل عادل (ترمومتر) يقظ منحه البقاء كل هذه السنوات، ستين عاما، يجيد قراءة اللحظة، عندما يتفوق عليه رقميا أحد النجوم مثلما حدث فى لحظات الذروة الجماهيرية لكل من محمد هنيدى (صعيدى فى الجامعة الأمريكية) وقبلها (إسماعيلية رايح جاى)، أو محمد سعد (اللمبى) وتوابعه، إلا أنه لم يتعال على الحقيقة الرقمية، وبينما تراجع هنيدى وسعد بعد عدة إخفاقات عن الدائرة كنجمى شباك، ظل عادل فى بؤرة تلك الدائرة، توزيع أعماله الدرامية سينما وتليفزيون داخل وخارج مصر يمنحه القدرة على البقاء.

يحتفظ له الأرشيف بعدد ضخم من الأعمال الناجحة، مهما اختلفنا مع قسط منها، إلا أنه رصيد يضمن له عقودا قادمة من الزمن، مهما تغيرت اللغة الفنية، وتطور فن أداء الممثل، سنجد شيئًا فى عادل إمام قادرًا على إدهاشنا.

ويبقى مفهوم الانسحاب من الميدان، لم يفعلها الكبار بحجم يوسف وهبى وحسين رياض وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وصلاح طاهر وتوفيق الحكيم، ولا يزال كلينت استود 90 عاما فى الاستوديو كاتبا ومخرجا وممثلا ومنتجا، وفى مجال السياسة نتابع وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كينسجر 96 عاما وكل الرؤساء الأمريكيين ينصتون إلى مشورته.

الرهان هو القدرة على استيعاب مفردات الزمن. عادل لا يزال يراقب ويحلل ويدرس.

اللياقة البدنية أحد أسلحة الفنان فى البقاء، خاصة فنان الكوميديا، يجب أن يمتلك تلك القدرة على التعبير الجسدى والحركى، وهنا لا يمكن سوى ملاحظة تراجع أحد أسلحة فن الأداء عند عادل، إلا أن المخرج الشاطر يستطيع التقليل من فقدان هذا السلاح، أيضا (التنميط) وهو أن يلجأ الفنان إلى استخدام مفردات أقرب إلى (كليشيه) تفقد مع الزمن قدرتها على إثارة الدهشة مثل الركلات والصفعات التى تتكرر كثيرا فى أعمال عادل إمام.

عودة عادل تبدأ مع تحرره من ضرورة الالتزام بتواجد رامى إمام كمخرج، لا يعنى ذلك استبعاده تماما من البداية، ولكن أن يمنح الفرصة للجميع من الموهوبين وبعدها يختار الأفضل، حتى لو انتهى به الأمر إلى رامى، لماذا لا تتسع الدائرة لتشمل مخرجين مثل كاملة أبوذكرى وتامر محسن وحسين المنباوى ومحمد يسن ومروان حامد وغيرهم.

عادل لا يزال ورقة رابحة يشكل جاذبية لدى شركات الإنتاج، هو صاحب القرار بالغياب فى رمضان القادم، أراها مجرد استراحة محارب، لتبدأ بعدها رحلة العودة بفيلم أو مسلسل، ولكنها أبدا ليست (تتر) النهاية!!.