اتصلت بي الطبيبة وأخصائية التجميل الدكتورة نوّارة العرفج، وهي بالمناسبة طبيبة قديرة لا يجمعني بها إلا الأخوّة واشتراكنا بالاسم الذي يرمز إلى النبات الصحراوي العريق المسمّى «العرفج».. حين اتصلت قالت: لقد قرأتُ لك مقالات وشاهدت لك مقاطع تتحدث فيها عن تعريف الجمال وقواعده وقد أُعجبت بها كثيراً، وليتك تكتب وتسجل لنا هذه الأفكار عن الجمال حتى نعلّقها في مداخل عياداتنا التي تبحث عن الجمال وترسمه وتنفذه وتخططه على وجوه الباحثين والباحثات عن الجمال.

فقلت لها: سمعاً وطاعة يا أختاه، وسأذكر ما في رأسي من قراءات ومحفوظات وقصائد ومقولات من الممكن أن تُعتبر مدخلاً إلى قواعد الجمال ومعاييره ومواصفاته.

ومن أهم القواعد التي استخرجتها من الكتب ما يلي:

أولاً: إن الجمال نسبي، فهو يكون في عين الناظر قبل أن يكون في الشخص الجميل، وقد قالت العرب: «حسنٌ في كلّ عين ما تودّ»، ويقول تولستوي: «إن الإنسان هو الذي يرى الأشياء كما يريد، فالأشياء تبدو قبيحة أو جميلة رهناً بوجهة نظر المتأمّل، ذلك يعني أن الجمال ليس القائم خارج الإنسان، ولكن الجمال الحقيقي هو الموجود في داخل الروح الإنسانية».

ثانياً: إن الجمال مستبدّ، ولكنه استبداد مؤقت، وفي ذلك يقول سقراط: «الجمال استبداد مؤقت».

ثالثاً: إن الجمال يختلف من شخص لآخر، فما تراه شيئاً جميلاً قد أراه شيئاً عادياً، وما أراه شيئاً عادياً قد تراه شيئاً جميلاً، وهذا يرتبط بك قبل غيرك، وفي ذلك يقول جلال الدين الرومي: «حين تعثر على الجمال في قلبك ستعثر عليه في كل قلب».

رابعاً: إن الجمال متعدّد، بمعنى أنه لا توجد صورة مثالية واحدة له.. من هنا قد نشاهد ألف فتاة كلهنّ جميلات وليس فيهنّ واحدة تشبه الأخرى، وفي ذلك يقول أحد الشعراء:

عقدَ الخلائق في الجمال عقائداً

وأنا اعتقدتُ جميع ما اعتقدوه

خامساً: إن الجمال متغيّر، بمعنى أنه يختلف من عصر إلى عصر، ومن يقرأ أشعار أهل الجاهلية يجد أنهم يتغزّلون ويثنون على المرأة الرُّداح، وهي المرأة الممتلئة «هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة»، أما المعاصرون فيميلون إلى المرأة الرشيقة التي إن لم تسبق الغزال فهي تنافسه في الأولمبياد.

حسناً، ماذا بقي؟ بقي القول: هذه الدفعة الأولى من أقساط الجمال، سددتُها لكم في هذا المقال، وأرجوكم أن تنتظروا المقال القادم لنكمّل الأقساط، لأن الجمال ميدانه وسيع أوسع من الهزائم التي تلقّاها نادي الاتحاد في السنوات الأخيرة.