في بداية شهر أكتوبر الجاري، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خطة للدفاع عن القيَم العلمانية للدولة الفرنسية ضد ما أسماه «الراديكالية الإسلامية»، وقال إن الإسلام يواجه أزمة حقيقية في العالم، وشدّد على أن «العلمانية هي المفهوم الراسخ الذي تقوم عليه دولة فرنسا الموحّدة»، وأن الرموز والمظاهر المعبرة عن الانتماء الديني سوف تبقى ممنوعة في المدارس ودوائر الخدمات العامة.

يرى ماكرون أن المجتمع المسلم في فرنسا يمثل «مجتمعاً مضاداً»، وأن بعض الأطفال المسلمين أصبحوا في حالة انفصال كاملة عن المجتمع، وتحدث عن خطة تقضي بتطوير مناهج الرقابة على المدارس ومصادر التمويل الأجنبي للمساجد.

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي انتقادات وردود أفعال حادة في العديد من الدوائر والمرجعيات الإسلامية، وخاصة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصفها بأنها «محض استفزاز» ومحاولة للانتقاص من الاحترام الذي يحظى به الدين الإسلامي في العالم، ويرى أردوغان أن ظاهرة التهجّم على المسلمين أصبحت إحدى أهم الأدوات التي يلجأ إليها السياسيون الأوروبيون للتغطية على إخفاقاتهم المتكررة.

وشهد العالم مؤخراً تنامي ظاهرة الخوف من الإسلام «الإسلاموفوبيا» خاصة في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وكان للإجراءات المعادية للمسلمين التي تتبناها الإدارة الأمريكية أن تستثير موجة من الانتقادات الحادة في أمريكا ذاتها، حيث أظهر استطلاع رأي نُظم في شهر سبتمبر الماضي أن نصف أعضاء حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، يعتقدون أن الإسلام «يتعارض مع نسق الحياة البريطانية»، وقدمت المذبحة الشهيرة ضد المسلمين في نيوزيلندا فكرة واضحة عن موقف الدول الغربية من الدين الإسلامي.

وشهدت العلاقات بين فرنسا وتركيا تدهوراً كبيراً العام الماضي عندما وجه أردوغان انتقاداته لحديث الرئيس ماكرون حول «الموت الدماغي لحلف الناتو»، إلا أن تبادل الانتقادات الحادة بين باريس وأنقرة تجاوز حدود العلاقات الشخصية بين ماكرون وأردوغان.

وفي 3 أكتوبر الجاري، أصدرت أكاديمية الأزهر للبحوث الإسلامية التي تعد أكبر مركز ديني في مصر، تصريحاً أشارت فيه إلى أن «اتهامات ماكرون الباطلة» لا علاقة لها بالمفهوم الحقيقي للدين.

وكتب إمام الأزهر الشريف الشيخ أحمد الطيب على موقع فيسبوك تعليقاً باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية ندّد من خلاله بشدّة «بالتصريحات غير المسؤولة حول الإسلام»، وأضاف أن هذه التصريحات تهدف إلى «تحقيق مكاسب سياسية غير مقنعة على حساب الإسلام».

ولقد أثارت هذه المواقف التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الغرب والإسلام، ذلك لأن السياسيين الغربيين لا يفهمون المعاني السامية الحقيقية للدين الحنيف.