الذين يبحثون عن الإثارة لم تعجبهم المناظرة النهائية بين الرئيس الأميركي ترمب ونائب الرئيس السابق بايدن المتنافسين على رئاسة أميركا في الأربع سنوات المقبلة.

كانت المناظرة أكثر انضباطاً من سابقتها من حيث المقاطعة واللغة المستخدمة لدرجة أن رئيس أقوى دولة في العالم يرفع اصبعه ليستأذن من مديرة الحوار لتعطيه فرصة المداخلة. وضعت قواعد للمناظرة بسبب ما حدث من فوضى في المناظرة التي سبقتها. بعض المتابعين وصف المناظرة الأخيرة بأنها باردة، ولم تأتِ بجديد. هذا يذكرنا ببعض البرامج الحوارية التي تصنع الجدل المثير لدرجة الخروج غير المؤدب عن النص بهدف جذب المتابعين الباحثين عن الإثارة، وكذلك جذب الإعلانات.

جمهور الإثارة لم تعجبه المناظرة الرئاسية الأميركية الأخيرة. في أميركا يهتم الجمهور الأميركي بموضوع الاقتصاد، لكن جائحة كورونا كانت الأكثر أهمية لأنها تؤثر على الصحة وعلى الاقتصاد وعلى كل تفاصيل حياة الناس.

في هذه القضية (كورونا) الجدلية العلمية الصحية الاجتماعية، احتار العالم كله وليس أميركا فقط في كيفية التعامل معها. رأيان في كل الدول، رأي يرى الإغلاق هو الحل، ورأي آخر يرى الحل في التعايش مع الالتزام بالإجراءات الوقائية. بعض الدول سارت مع الخيار الأول ثم قررت التعايش، وبعضها فعل العكس. لكل دولة ظروفها الخاصة وإمكاناتها وبالتالي تجربتها الخاصة التي قد لا تناسب دولة أخرى، ولهذا السبب فإن المناظرة الرئاسية حول هذه القضية لا تقطع برأي نهائي، بل إن الحكومة الفيدرالية الأميركية لا تتخذ قراراً ملزماً لكل الولايات وتركت لكل ولاية قرارها الخاص حسب ظروفها، وقد أشار الرئيس ترمب في المناظرة إلى أن نيويورك تحولت مدينة أشباح في محاولة منه لدعم وجهة نظره في التعايش مع كورونا. نعود إلى المناظرة الرئاسية ونتساءل عن مدى تأثيرها على تصويت الناخبين، وهل يركز الجمهور على المهارات الشخصية أم على الحلول والخطط والأهداف الواضحة؟

هل تحولت المناظرات الرئاسية إلى برنامج ترفيهي أم هي فعلاً تكشف القدرات والسمات القيادية وبالتالي يمكن أن تؤثر في نتيجة الانتخابات؟

في عالم المناظرات، مناظرات علمية وفكرية تختلف عن المناظرات السياسية ولها جمهور مختلف الإثارة بالنسبة لهذا الجمهور هي الطرح الموضوعي والإضافة العلمية والهدوء واحترام أدبيات الحوار، والبحث عن الحقيقة وليس الانتصار. هكذا يفترض، وقد لا يحدث هذا في كل الأحوال لأنها ستكون في نظر البعض مناظرة باردة وبالتالي غير جاذبة. نتساءل هنا: هل أصبحت المناظرات الثقافية بحاجة إلى الإثارة حتى لا توصف بأنها مناظرة باردة؟!

سيكون السؤال الأخير هو: ما مفهوم الإثارة؟