من القصص الثابتة في مخيلتي والتي يستحضرها ذهني بين الحين والآخر حتى بعد مرور 20 عاماً عليها، هي عن الأمريكي إريك وينماير، الرجل الضرير الذي صعد إلى قمة جبل افريست التي تبلغ 8848 متراً أو 26 ألف قدم إلى أن وصل لقمتها التي تسمى منطقة الموت، إريك وينماير فقد بصره في سن الرابعة عشرة، ورغم هذا آمن بقدراته وتحدى فقدان البصر وصنع من ظلامه فجراً ونوراً لا يغيب، و تحدى ذاته واستعان بدليل معه يرشده فقط عن أماكن ومنحدرات الجبل ليصل إلى قمته ضاربا مثلا رائعا لتحدي اليأس والاستغلال الأمثل لقدراتنا التي قد يستهين بها -بعضهم- حتى يكونوا غير قادرين حتى على انجاز أبسط وأقل الأعمال قانعين بالسقوط في بئر اليأس، ولا يحاولون تعلم أي شيء جديد وعاجزين مكتوفي الأيدي أمام تطوير أنفسهم. برغم أننا جميعا نمتلك قدرات غير عادية قادرة على صنع المستحيل، وكما قال إريك وينماير في خلاصة تجاربه: في هذه الحياة جميعا نتسلق بشكل أو بآخر من دون أن نرى.

أستحضر هذه القصة عندما أرى بعض النماذج المستسلمة اليائسة برغم أنهم يمتلكون طاقات كامنة لو استخدموها بشكل جيد لحققوا المعجزات لاستعاروا رحيق عبير الزهور من بطن النحلة. وكما يقول الحكماء لا تيأس إذا رجعت خطوة للوراء فلا تنس أن السهم يحتاج أن ترجعه للوراء لينطلق بقوة إلى الأمام.

الإنسان المقاتل هو القادر على عدم الاستسلام لليأس وامتلاك الأمل باستمرار ومهما سقطنا على الأرض فلنقف مرة أخرى. والحصول على تحقيق الأهداف يحتاج إلى أن نتحلى بالصبر الجميل والفرح ولا نحزن فالحزن يميت القلب ولو أغلق في وجهنا باب فهناك ألف باب مفتوح. وعلينا أن نحول عصارة تجاربنا إلى كبسولات تعالج نضج حياتنا وتقينا شر أمراض التعثر والفشل. وفي كل يوم يمر علينا لا يجب أن يمر مرور الكرام بل نتعلم شيئاً جديداً في حياتنا، فالمواقف وإن كانت بسيطة فيها دروس، والمعلومة وإن كانت سهلة فهي تضاف إلى رصيد المعرفة والوعي والخبرة.