يحبس العالم أنفاسه بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية. وكيف لا فالولايات المتحدة الأميركية دولة قوية ومؤثرة على الساحة الدولية، لكن السبب الأساسي في تسمر الأنظار على هذه الانتخابات، خاصة في الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج، هو غياب الاتفاق بين الحزبين في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة بشأن المواضيع التي تخص الأمن الوطني للمنطقة، مثل كيفية التعامل مع أنظمة وجماعات الإسلام السياسي، والإرهاب الدولي والهيمنة الإيرانية وغيرها. فنجد الحزب «الديمقراطي» له توجه ومفاهيم، والحزب «الجمهوري» له توجه آخر، وأحياناً يكون غياب الاتفاق بين الحزبين فقط تحدياً بين الحزبين، ليثبت كل حزب أن سياسته هي الأفضل. ومع أن الحزب «الجمهوري» عموماً أقرب سياسياً لدول الخليج؛ لأنهم جميعاً يميلون إلى السياسة المحافظة، إلا أنه لابد لدول الخليج أن تكون دائماً مستعدة لفوز أي من المرشحين سواء في هذه الانتخابات أو غيرها، والعمل مع ما تفرزه الانتخابات الأميركية.
أهم نقطتين تهمان دول الخليج حالياً هما الشأن الإيراني والنزاع الداخلي في الخليج. ففي حال فوز بايدن كونه كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما، فغالباً سيعود إلى الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، التي تخلى عنها ترامب في عام 2018، وهذا ما يود سماعه معظم الناخبين «الديمقراطيين»، الذين ينظرون إلى خطة العمل الشاملة المشتركة على أنها إنجاز بارز لسياسة أوباما الخارجية، واستاؤوا جداً من انسحاب ترامب من الاتفاقية.
أما بالنسبة للنزاع الذي تسببت فيه الدولة الخليجية الصغيرة. فإنه في حال فوز بايدن، هناك تقارير تفيد أن علاقة بايدن بهذه الدولة والدول المقاطعة لها لن تختلف كثيراً عن إدارة أوباما، خاصة من ناحية دعم الدولة الخليجية الصغيرة للإخوان المسلمين، إلا أن بايدن قد يكون أكثر عدائية لبعض الدول، بسبب تصريحاته والمستجدات التي حدثت منذ عام 2016 إلى الآن؛ لذلك على تلك الدول أن توطد علاقاتها مع أعضاء من الحزب «الديمقراطي» من هم أقل تشدداً، وليسوا منتمين لليسار المتشدد، وتكثيف النشاط داخل الولايات المتحدة دبلوماسياً وسياسياً، وبالتأكيد تحريك جماعات الضغط على جميع الصعد.
كذلك على دول الخليج أن توطد علاقاتها مع أعضاء من الحزب «الجمهوري» في الكونجرس لتوضيح كل المخاطر من اتفاق نووي مع إيران من دون تغيير سلوكها في دعم الميليشيات المسلحة في المنطقة، وكذلك توضيح مدى خطورة جماعات الإسلام السياسي، مثل «الإخوان المسلمين» على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
لكن من الضروري التخطيط الحقيقي على المدى البعيد وليس فقط في هذه الانتخابات، وينبغي على دول الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، أن تكون لها «لوبيات» قوية، بحيث تضمن مصالحها في حال فوز مرشح أي من الحزبين، وهذا لن يكون فعالاً إلا إذا كان لها حلفاء أقوياء ليس فقط على المستوى السياسي بل أيضاً الشعبي، مما يستوجب العمل من الآن وبطريقة مكثفة.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي