من يقرأ حديث سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، يجد أنه حديث لا تنقصه الصراحة والوضوح والأرقام والمنجزات والتفاؤل نحو المستقبل بإذن الله، ولذلك عنونت المقال "بلغة الأرقام" التي يفضلها سموه، وهي تثبت حجم العمل والإنجاز الذي قامت به الدولة خلال هذه السنوات الأربع الماضية،، الأرقام تبرز وتظهر حجم ما خطط له وما تم فعلاً من منجز، بين ما كان وبين ما حدث اليوم من تحول وتغير كبير، وقد ذكر الكثير منها سموه، فمثلاً طبقاً لحديث سموه "في عام 2016، كانت قيمة الناتج المحلي غير النفطي تقدر بـ1.8 تريليون ريال، وبدأنا في المملكة وضع خطط لمضاعفة ذلك بوتيرة سريعة، والنتيجة كانت نمواً متسارعاً في السنوات الثلاث الماضية، بنسبة 1.3 في المئة في 2017، و2.2 في المئة في 2018، و3.3 في المئة في 2019 وأكثر من 4 في المئة في الربع الرابع من 2019، كذلك ما قامت به المملكة من عمل جبار حقيقي وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ذكر سمو ولي العهد "أننا نعتبر إحدى أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا في مجموعة العشرين "وأكد سموه" ونحن أكثر تفاؤلاً بأن وتيرة النمو ستتسارع مع زوال الجائحة وعودة الأمور لطبيعتها بالكامل، لنكون إحدى أسرع دول مجموعة العشرين نمواً في الناتج المحلي غير النفطي في السنوات القادمة".

وحين تحدث سمو ولي العهد عن سوق العمل ذكر سموه "بدأ العمل وفق رؤية 2030 على إصلاح سوق العمل وتوفير المزيد من الوظائف للمواطنين والمواطنات، ووضعت رؤية 2030 الوصول إلى نسبة بطالة 7 % في عام 2030 كأحد أهدافها". خلال عام 2018، بلغت نسبة البطالة 13 في المئة تقريباً. وبسبب رفع كفاءة الأجهزة الحكومية واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، رأينا نسبة البطالة تنخفض بشكل متتالٍ إلى 11.8 في المئة في بداية عام 2020. وهذا يؤكد على حجم المنجز رغم أنه سنوياً هناك أعداد كبيرة تدخل سوق العمل من الجنسين من خريجي الجامعات وغيرها، وهذا تحدٍ أمام الدولة، فهناك من ينتظر وباحث عن العمل وبين قادم جديد، والعمل مازال مستمراً، وأكد سموه بقوله: "ونعتقد بأن البرامج والسياسات التي وضعتها الحكومة ستمكننا من تحقيق نسبة بطالة 7 في المئة قبل 2030". ولن نستغرب تحقق هذه الأرقام وأفضل بإذن الله وفق العمل الكبير الذي تقوم به الدولة ووفق رؤية واضحة ومحددة.

وقد استبق سموه المستقبل بقراءة متغيرات سوق النفط غير المستقرة بين صعود وهبوط، وهو ما يضع خطط التنمية على المحك، ولكن سمو ولي العهد ووفق رؤية واضحة بتنويع مصادر الدخل ذكر سموه "بالنظر إلى ما تم إعلانه العام الماضي لتوقعات ميزانية 2020، كنا نتحدث عن إيرادات متوقعة للدولة تقدر سابقاً بـ833 مليار ريال، منها 513 مليار ريال إيرادات نفطية، وبعد انهيار أسعار النفط هذا العام، انخفضت الإيرادات النفطية فعلياً إلى 410 مليارات ريال تقريباً. هذه الإيرادات وحدها غير كافية لتغطية حتى بند الرواتب المقدر ب 504 مليارات ريال في ميزانية هذا العام. ناهيك عن صعوبة تمويل البنود الأخرى، التي تشمل الإنفاق الرأسمالي بـ173 مليار ريال والمنافع الاجتماعية بـ69 مليار ريال والتشغيل والصيانة المقدرة بـ140 مليار ريال وغيرها. هذا يعني ركوداً اقتصادياً، وخسارة ملايين الوظائف."، فالحل هنا يكون كما ذكر سمو ولي العهد بتنويع مصادر الدخل غير النفطية "في حال لم نقم برفع الإيرادات غير النفطية إلى نحو 360 مليار ريال هذا العام، ولو بقينا على مستويات 2015 المقدرة بـ100 مليار ريال تقريباً، لاضطررنا لتخفيض الرواتب للعاملين في القطاع العام بما يزيد على 30 في المئة، وإلغاء البدلات والعلاوات بالكامل، وإيقاف الإنفاق الرأسمالي بالكامل، وعدم القدرة على تشغيل وصيانة أصول الدولة بالشكل المناسب، ولتوقفنا حتى عن دعم بند نفقات التمويل".

وأكد سمو ولي العهد بالتزام الدولة، وذكر - حفظه الله -: "نجحنا في الحفاظ على رواتب المواطنين وأغلب البدلات والعلاوات، والاستمرار بإنفاق رأسمالي بلغ 137 مليار ريال، وزيادة الإنفاق على بند التشغيل والصيانة، وتحمل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بسبب الجائحة، بما يصل إلى 188 مليار ريال، مع الالتزام الكامل ببند المنافع الاجتماعية والإعانات ودعم التمويل. وذكر سمو ولي العهد، وهو ما يؤكد عليه دوماً كهدف استراتيجي: "كل ذلك يجعلنا نستذكر أهمية ألا يكون الوطن رهينة أي تقلب في أي قطاع كان، وبأن تنويع الإيرادات مهم وحيوي لاستدامة الدولة، ونعمل على ذلك بجدية من خلال استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، ودعم قطاعات جديدة مثل السياحة والرياضة والصناعة والزراعة والنقل والفضاء والتعدين وغيرها، بالإضافة إلى العمل مع القطاع الخاص".

وفي ما يخص الإسكان والتي حققت منجزات كبيرة وسريعة اختصرت سنوات طويلة من الانتظار وهي قفزة كبرى للتملك السكني، ذكر سموه: "وعند البدء في إعداد برنامج شامل لإصلاح الاقتصاد، التزمنا بوضوح في رؤية 2030 بأننا سنسعى لرفع نسبة تملك المواطنين للمسكن 5 في المئة خلال 4 سنوات، وكانت النسبة حينها 47 في المئة تقريباً، ما يعني الوصول إلى 52 في المئة في 2020م، النسبة التي تعتبر جيدة دولياً. لكننا اليوم وصلنا إلى 60 في المئة، متجاوزين الهدف بـ8 في المئة". وأكد سمو ولي العهد "ليس لدي أدنى شك - إن شاء الله - بأننا سنتجاوز مستهدف 2030 البالغ 62 في المئة في 2025 مما يعني أننا سنتجاوز المستهدف في عام 2030. وسنكون إحدى أعلى دول العالم في نسبة تملك المساكن".

والنمو في قطاع الإسكان يضخ في الاقتصاد مباشرة وغير مباشرة كما ذكر سمو ولي العهد: "السكن ساهم في خلق ما يقارب 40 ألف وظيفة مباشرة، وما يزيد على 115 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي" وأضاف سموه: "ومع زيادة نسبة التملك ووصولها إلى 60 في المئة، لم تعد أزمة الإسكان معضلة وهاجسًا لدى السعوديين كما كانت خلال العقدين الماضيين، لا من حيث طول الانتظار أو تملك المسكن المناسب".

أما منجزات "الرقمية" وهي التي أصبحت اليوم تحدي العصر الجديد، استمرت المملكة في الإنفاق والاستثمار به، وذكر سمو ولي العهد: "حققت المملكة العربية السعودية المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول مجموعة العشرين في الثلاث سنوات الماضية، وقفزت 40 مركزاً في مؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات"، وأن المملكة كما ذكر سموه: "وضعنا استثمارات تجاوزت 55 مليار ريال في البنية الرقمية للمملكة مما نتج عنها رفع مستوى متوسط سرعة الإنترنت حتى أصبحنا الدولة الأولى في سرعات الجيل الخامس، ومن ضمن الدول العشر الأولى عالمياً في سرعات الإنترنت المتنقل بعد ما كنا خارج قائمة أعلى 100 دولة".

أما صندوق الاستثمارات العامة الذي حقق قفزات كبيرة في ترتيبه عالمياً ووصلت استثماراته 1.3 تريليون ريال والهدف 7 تريليونات ريال، وقفز إلى المرتبة التاسعة عالمياً قافزاً 22 مركزاً، وهذا منجز كبير خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة ويدير مجلس إدارة الصندوق سمو ولي العهد بنفسه، وأكد على مساهمة صندوق الاستثمارات العامة في تنمية الاقتصاد قائلاً: "أصبح صندوق الاستثمارات العامة أحد المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي. استطعنا مضاعفة حجم صندوق الاستثمارات العامة من 560 مليار ريال إلى ما يزيد على 1.3 تريليون ريال تقريباً، وبخطى ثابتة نحو تحقيق هدف رؤية 2030 بأن تتجاوز أصول الصندوق 7 تريليون ريال. وأكد سموه أن أداء الصندوق منذ تأسيس الصندوق "كان معدل العائد على الاستثمار لا يتجاوز 2 في المئة في أفضل الحالات، نحن اليوم في صندوق الاستثمارات العامة لا نحقق أقل من 7 في المئة. لدينا استثمارات تجاوزت عوائدها 70 في المئة، وأخرى تجاوزت 140 في المئة، هذا تغيير استثنائي يوفر للدولة مداخيل مستدامة لم تكن موجودة في السابق"، وأضاف سموه: "فلولا عملية إصلاح صندوق الاستثمارات العامة والتي تمت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين بإعادة تشكيل مجلس إدارته وتكليفي برئاسته لأهميته البالغة في حاضر ومستقبل اقتصاد المملكة، ووضع سياسات لضخ استثمارات ضخمة داخل المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية، لفقدنا أكثر من نصف النمو غير النفطي وغياب عدد كبير من الوظائف التي تم خلقها، وانهيار في الطلب على العديد من الخدمات والمنتجات والمواد، وإفلاس عدد كبير من الشركات، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط".

عن أهمية الصندوق أضاف سمو ولي العهد: "لنا أن نتخيل الاقتصاد السعودي بدون استثمارات الصندوق، حيث بلغت استثمارات الصندوق المحلية 78 مليار ريال في 2017، و79 مليار ريال في 2018، و58 مليار ريال في 2019، ونستهدف 96 مليار في عام 2020 بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربع الماضية، مما ساهم في خلق أكثر من 190 ألف وظيفة. وأضاف سموه أن دور الصندوق حيوي وكبير في التنمية الاقتصادية، فذكر سمو ولي العهد: "مع التنويه أن الاستثمار المحلي للصندوق في تنمية وتطوير القطاعات لم يتجاوز 3 مليارات ريال سنوياً قبل 2017. وفي عامي 2021 و2022 سيضخ الصندوق ما يقارب 150 مليار سنوياً في الاقتصاد السعودي وبازدياد سنوي حتى عام 2030. وسيتم توفير هذه السيولة من خلال تسييل وإعادة تدوير استثمارات الصندوق للدخول إلى فرص جديدة، وخلق دورة اقتصادية محلية تمكن بروز قطاعات جديدة، والمساهمة في توفير إيرادات جديدة للدولة".

وأكد سمو ولي العهد أن الحرب على الفساد مستمرة وجلبت حتى الآن 247 مليار ريال، وهذا ما سيكون له أثر كبير على الاقتصاد الوطني وإصلاح العمل من استعادة الأموال ووقف الفساد، وذكر سمو ولي العهد: "نتائج حملة مكافحة الفساد كانت واضحة للجميع، حيث بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في الثلاث سنوات الماضية تمثل 20 في المئة من إجمالي الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى أصول أخرى بعشرات المليارات تم نقلها لوزارة المالية، وستسجل في الإيرادات عندما يتم تسييلها بما فيها من عقارات وأسهم"، وهذه الأرقام توضح حجم الفساد المالي الذي أعلن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الحرب عليه ووقفه كلياً، ومن آثار الفساد ذكر سمو ولي العهد: "الفساد حرم الوطن والمواطنين من 15 في المئة من ميزانية الدولة سنويًا خلال العقود الثلاثة الماضية، فالحرب ضد الفساد والفاسدين ليست معركة يوم أو يومين أو عام أو عامين"، وكما قال عنها ولي العهد هي حربه شخصيًا تأكيد من سمو ولي العهد لا وقف للحرب على الفساد.

أما القطاع السياحي الذي يعتبر أحد مصادر الدخل العالمية للدولة، فهو أيضاً من الملفات المهمة لسمو ولي العهد ورؤية المملكة 2030 وذكر سمو ولي العهد: "لقد تمت إعادة هيكلة قطاع السياحة في الفترة الماضية ورفعنا نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 3.6 في المئة في 2018. هذا النمو فتح قطاعات عمل جديدة وساهم في توظيف مئات الآلاف من السعوديين والسعوديات وما زلنا في البداية".

ولقي أيضاً القطاع الرياضي اهتمام سمو ولي العهد وذكر سموه: "لقد ارتفعت نسبة المواطنين الممارسين للرياضة من 13 في المئة في 2015 إلى 19 في المئة في عام 2019. ونمت مساهمة القطاع في الناتج المحلي من 2.4 مليار ريال في 2016 إلى 6.5 مليارات في 2018 بزيادة تقدر بـ170 في المئة خلال عامين فقط "، أضاف سموه: "كذلك عملنا على تطوير الاتحادات الرياضية كافة وزيادة عددها، فعلى سبيل المثال لم يقم الاتحاد السعودي للسيارات منذ تأسيسه باستضافة اأي بطولة دولية. بينما في آخر سنتين فقط، نجح الاتحاد باستضافة أهم ثلاث بطولات في العالم وهي الفورمولا اي، وفورمولا 1، ورالي دكار. في كرة القدم استطعنا رفع القيمة السوقية للدوري السعودي ليصبح الأعلى من بين الدوريات العربية، ومن أعلى 20 دورياً على مستوى العالم. ونعمل كذلك بنفس الزخم على بقية الاتحادات"، والقطاع الرياضي من القطاعات التي لقيت اهتمام سموه لما لها من جانب استثماري، وخلق فرص عمل، وممارسة رياضة، وسمعة دولية في تنظيم المسابقات، وتسويق مهم، وهذا ما يحقق منجزات كبيرة لمستقبل المملكة وهذا ما يتم.

أصبحت مدن المملكة جاذبة للفعاليات الترفيهية التي أصبحت سمه عامة، ومعها زاد الإقبال والإنفاق الداخلي، وأصبحنا نرى حجم الاستثمارات والفرص التي تتاح كلما زاد الترفيه والتوسع به، وذكر سمو ولي العهد - حفظه الله -: "لقد حرصنا على تسهيل الحصول على تراخيص الفعاليات مما نتج عنه ارتفاع عدد الفعاليات المقامة في المملكة إلى أكثر من 3400 فعالية في 2019 ساهمت في رفع معدلات الإنفاق للمواطنين والمقيمين والزوار والسياح داخل المملكة العربية السعودية، مما نتج عنه عشرات الآلاف من الوظائف الدائمة ومئات الآلاف من الوظائف الموسمية" وهذا ما أثر على السفر إلى الخارج والإقبال على الداخل.

هذه مقتطفات بلغة الأرقام حاولت الإيجاز لها ووضعها بصورة متسلسلة وهي ليست كل شيء، فالمنجزات كبيرة جداً، ومشاريع كبرى تنفذ "نيوم القدية والبحر الأحمر وغيرها" ومراحل التخصيص التي تتم والتطوير والشراكة مع القطاع الخاص، والدعم الكبير الذي قدمته الدولة خلال أزمة كورونا بدعم الرواتب ولأشهر عديدة، ومنح خصومات وإعفاءات وغيرهما، وتمت بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد - حفظهما الله -، والمنجزات حاضرة وعلى الأرض وملموسة، ونفخر بقيادتنا ووطنا بهذا العمل الكبير والجبار والتخطيط البعيد الأمد، والمستقبل مازال يحمل لنا الكثير من الخير والتفاؤل والعمل بإذن الله، ولعل تنويع مصادر الدخل لوحدها دروس تقدم ونتعلم منها الكثير، ودور صندوق الاستثمارات العامة كبير وجبار، ويضع المملكة - بإذن الله - في مراحل آمنة كما هي دوماً، ومستقبل أفضل وأكثر قوة وصلابة مهما تغيرت أسعار النفط، وتقلبات الاقتصادات، فما يتم عمل كبير ومازال هناك الكثير مستقبلاً.. والحمد لله.