لا حديث لوسائل الإعلام الدولية في اليومين الماضيين، إلا ويتناول قرية «نجريج»، لم يكن أهالي القرية البسطاء والواقعة على بعد أكثر من ساعتين عن العاصمة المصرية القاهرة، يتوقعون أن حفل زفاف لم يشارك به حسب المعلومات أكثر من سبعين مدعواً سيكون سبباً للتهكم والإساءة للقرية التي أنجبت النجم العالمي نجم ليفربول اللاعب محمد صلاح!

إعلان إصابة صلاح بفيروس كورونا المستجد وربط سبب ذلك بحضوره حفل زفاف أخيه ومشاركته المدعوين بإجراءات احترازية أقل ما تكون غير موجودة أو ضعيفة، جعلت من وسائل الإعلام العالمية وأيضاً جمهور النادي الإنجليزي العتيد يتناقلون وبغضب وأحياناً بتهكم واستفهامات الفيديوهات الخاصة بحفل الزفاف وصلاح بين المدعوين الكاسرين أبسط وسائل الوقاية، فبدلاً من أن يتحول الحديث عن هذه القرية بالإيجابية، تحول بصورة سلبية، حتى من الإعلام المصري نفسه، والذي انشغل أيضاً بهذا الموضوع ووصل الأمر أن يعلن عمدة القرية بعد أن كان المتحدث الرسمي لما حدث بأنه غير مسؤول، واعتذر لصلاح ولقريته لأن الإعلام استطاع أن يدخله مسارات سلبية، وهو لم يتعود مطلقاً على مثل هذه الحالة الإعلامية والتواصل الرسمي من مسؤولي الدولة للكشف عن السبعين مدعواً الذين تسببوا تقريباً لما حدث لصلاح في بلده مصر، وليس في إنجلترا، حيث يقيم والمنتشر فيها الفيروس بصورة غير عادية.

للأسف الشديد لدينا في العالم العربي عدم احترافية في التعامل الإعلامي الإيجابي، ندور حول أنفسنا، ننتظر الإعلام الدولي يتحدث عنا بإيجابية أو سلبية، لا نبادر ولا نؤمن بأن الإعلام دون حملة علاقات عامة لا يصل، لا نخطط، نعطي الأمور لأناس بعيدين عن الإعلام ونتوقع منهم الكثير، تخيلوا لو اهتم المسؤولون المصريون بدلاً من اهتمامهم بإقامة حفل تكريم لصلاح كأفضل لاعب مصري وهذا لا يعنيه كثيراً، بترتيب أمور زيارته ومراسم زواج أخيه، بصورة تعطي العالم انطباعاً آخر عن الجانب الآخر في إنسانية صلاح وطقوس الفرح والزواج في القرية الصغيرة التي لم ينسها النجم الكبير رغم الشهرة، نعم نحن لا نعرف التعامل مع الكنوز التي نملكها.

غير صحيح أن الإعلام لا يبحث إلا عن الإثارة والأمور السلبية، بالإمكان تسخيره وقيادته لإظهار الجوانب الإيجابية ولكن كيف ومتى، لا يمكن أن أفهم وأستوعب أن يكون لدينا على سبيل المثال في السعودية مواقع ومدن لها ارتباط ثقافي وتراثي عالمي ونكتفي بتسويقها إعلامياً على المستوى المحلي، هذا جهل كبير، فكما حدث لقرية صلاح قد يحدث عندنا.

أكرر لا بد أن يكون تعاملنا الإعلامي مع وسائل الإعلام الدولية غير تقليدي، حالياً سنستضيف في الرياض أكثر من 200 إعلامي دولي لتغطية قمة دول العشرين، هل أعددنا لهم ما نريد، وكيف الحال لولا كورونا، كان العدد 7000، بالفعل نحتاج أن نعرف أنفسنا أكثر!