الأسبوع الماضي، صدمت حين اكتشفت أن فرتونة، ذلك القط الذي لا يتجاوز عمره ستة أشهر على أقصى حدّ أصبح “قاتلا”.

اصطاد حمامة وأكلها على أغلب الظن.. حيّة.

سمعته يصرخ فظننت أن قطة الجيران كانت تؤدبه كما تفعل كل مرة.. هببت لنجدته وبحثت حتى وجدته فوق السطح، كان يأكل حمامة وقد نثر ريشها في كل مكان. كانت هذه صرخات النصر إذن.

يا للحمامة المسكينة رمز السلام.. لقد مزقها فرتونة وأكلها. ولم أستطع أن أفعل شيئا إلا مراقبته وهو يتم “وجبة سلام”. ووجدتني أنظر في عينيه وأسأله لماذا يا فرتونة هل أنت جائع مثلا؟ هل ستقضم أنفي أثناء نومي لتتذوقه؟

لكن لماذا أصبح فرتونة “متوحشا” فجأة.. من أين تعلم أن هذه الحمامة يمكن أن تكون طعام قطط لذيذ.

ما هذا الهذيان هل أسأل قطا عن غريزته الأصلية؟ لم يكن ما فعله فرتونة استثناء فكل المخلوقات مجبولة على القتل إمّا اضطرارا وإمّا اختيارا.

ماذا عن الإنسان.. فمنذ أن وجد على ظهر هذه البسيطة، ظهرت معه نزعة القتل، فأول أخوين قابيل وهابيل، قتل أحدهما الآخر.

لقد كان القتل أول جريمة للإنسان على الأرض. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف البشر عن قتل بعضهم البعض.

في عام 2016، اكتشفت دراسة علمية درست 4 ملايين حالة قتل، أن البشر أشرس الكائنات. في الواقع، من بين الثدييات البالغ عددها 1024 نوعا، 60 في المئة لا تقتل أبناء جنسها، ولكن 40 في المئة منها تقتل. البشر أكثر فتكا بستة أضعاف من متوسط عدد الحالات لدى الثدييات. فالثدييات تقتل أبناء جنسها بمعدل 0.3 في المئة.

يعمل العنف البشري خارج حدود الجنس البشري أيضا. البشر يقتلون أيا كان. نحن نقتل كل المخلوقات الأخرى التي ليست من نوعنا، ونقتل بعضنا البعض. لا شك أن العنف موجود في عالم الحيوانات، بالطبع، ولكن على نطاق مختلف تماما. الحيوانات آكلة اللحوم تقتل من أجل الغذاء. أما نحن فنقتل أفراد عائلاتنا وأصدقاءنا ونقتل الغرباء وأعداءنا أيضا.

نقتل أشخاصا مختلفين عنا، في المظهر، والمعتقدات، والعرق، والوضع الاجتماعي فقط لأجل القتل. نحن ننتحر لنقتل أنفسنا.

نقتل لأجل عدة أسباب بحثا عن الانتصار أو لتحقيق الانتقام، لطالما قتلنا بعضنا البعض لأجل الترفيه في المدارج الرومانية. كلنا أهداف ثابتة ومتحركة للقتل. ومثلما قال عالم الأعصاب ر. دوغلاس فيلدز فـ”الذبح سلوك محدد للجنس البشري”. ولحسن الحظ هذبت “الحضارة” هذا السلوك.