في نوفمبر 2020 قالت صحيفة الصن البريطانية: «إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مريض، وأنه يعاني مرض باركنسون»الشلل الرعاش«، وسيغادر السلطة في مطلع العام 2021»، نفى الكرملين ما نشرته الصن، وقال: إن هذا هراء تام، الرئيس بصحة جيدة، ولا صحة لحديث التنحّي.

الرئيس بوتين ليس مصابًا إذًا بمرض باركنسون، وحتى لو كان مصابًا، فإن العلم قد تقدّم كثيرًا هذا العام في مكافحة المرض، فبينما كان العالم منشغلًا بجائحة كورونا، كان العلماء قد توصلوا إلى مواد تعوض نقص إفرازت الخلايا العصبية والتي يؤدي غيابها إلى المرض، كما أن مستشفى في ولاية ماساتشوستس الأمريكية قد حققت إنجازًا كبيرًا عبْر نقل خلايا من جلد المريض، وزراعتها داخل الدماغ، وقد أفرزت هذه الخلايا المادة المطلوبة، وصار أحد المرضى الذي أُجريت له العملية المذكورة بإمكانه السباحة وممارسة الرياضة بعد أن تعافى تمامًا.

إن الرئيس بوتين - وعلى الرغم من مرور 20 عامًا على رئاسته لروسيا - لايزال يمثل لغزًا كبيرًا، فضابط المخابرات السوفياتي الذي كان يعمل عند سور برلين، نجح في اختراق الرئيس بوريس يلتسن وسلطته وإقناعه بانتقال السلطة إليه، وحسب موقع مكتبة بيل كلينتون، فإن الرئيس يلتسن قال للرئيس كلينتون عام 1999: «لقد اخترت للترشح للرئاسة شخصًا من خارج المجموعة المحيطة، وسوف يكسب الشعبية الكافية للنجاح، إنه فلاديمير بوتين».

بعد ستّة أيام فقط من رئاسته، كتبت مجلة الإيكونوميست تعليقًا على وصول ضابط المخابرات إلى رئاسة القوة لعظمى الثانية: «بوتين.. ذلك المجهول الكبير».

لايزال جانب من سياسات الرئيس بوتين - وعلى الرغم من سنوات السلطة الطويلة - ضمن ذلك المجهول، فلقد ظهر إلى سطح النخبة الحاكمة السيد ميدفيديف، ثم أصبح مسؤول الضرائب غير المعروف رئيسًا للحكومة.

لقد قرر الرئيس بوتين ضم شبه جزيرة القرم، ثم قرر دخول الجيش الروسي إلى مسرح العمليات في سوريا.. وكان كلا القرارين مباغتًا تمامًا بالنسبة للجميع.

يهاجم خصوم بوتين نظام حكمه باعتباره نظامًا سلطويًا، وغير ديمقراطي بالقدر الكافي، كما يهاجم سياسته الخارجية وطموحاته العسكرية، وهو ما قد يدفع إلى عودة الحرب الباردة من جديد، لكن أنصار الرئيس يرونه «أسطورة» وزعيمًا تاريخيًا، نجح في انتشال بلاده من الفوضى إلى القمة في سنوات.

يتحدث الإعلام الغربي عن انسداد الأفق في حقبة ما بعد بوتين، ولكن «ميخائيل زيجار» مؤلف كتاب «كل رجال الكرملين» يتحدث عن مجموعتين تمثلان نخبة روسيا المعاصرة: «مجموعة السبت» من الساسة الرسميين، و«مجموعة الأحد» من الاقتصاديين ومن النافذين غير الرسميين، ممن يجتمعون بالرئيس في عطلة نهاية الأسبوع، كما تتحدث الصحف الروسية عن 10 شخصيات تصلح لرئاسة روسيا بعد بوتين أبرزهم شويجو ولافروف وميدفيديف.

يرى المثقفون الروس أن بوتين ليس المجهول الكبير، ولكن روسيا ذاتها من دون بوتين كانت ستصبح «ذلك المجهول الكبير».