في منتصف 2018 نشرت "فيسبوك" وثيقة تاريخية لإعلان استقلال الولايات المتحدة بالتزامن مع الاحتفال بيوم الاستقلال، ولكن المحرر الآلي حذف مقتطفات من الوثيقة بوصفها، "خطابات كراهية" ومن بين العبارات التي أثارت القضية، "المتوحشون الهنود عديمو الرحمة"، لكن المنصة الاجتماعية اعتذرت عن الخطأ، وأعادت نشر الوثيقة كاملة دون تدخلات، وعلقت بعض الصحف الأمريكية على الموقف بالقول: "إن الروبوت المدرب على اكتشاف اللغة غير الصحيحة سياسيا، ليس ذكيا بما فيه الكفاية للكشف عن متى تكون هذه اللغة جزءا من وثيقة ذات أهمية تاريخية"
الموقف أثبت عجز الآلة، وأكد تفوق الصحافي البشري، الذي يراعي الظروف والسياقات والأحوال والتبدلات الثقافية والحضارية، ويرد في الوقت ذاته على التقارير التي تدعي الاستغناء عن الوظائف الصحافية خلال الأعوام المقبلة بفضل برمجيات الذكاء الاصطناعي، ومهما تطور الروبوت سيبقى قاصرا دون الذكاء البشري، ولن يحل محل الإنسان.
لا ريب أن لتفوق الروبوتات نشوة، وأثبتت قدرتها، لكنها ناقصة طالما لم تراع الإنسان، وهو ما أكده تقرير مجموعة العشرين، الذي صدر أخيرا عبر بيان الرياض للقمة الافتراضية، التي قادتها المملكة بكل اقتدار، إذ نص على تعزيز المناقشات بين الشركاء المتعددين، دعما للابتكار والذكاء الاصطناعي الذي يركز على الإنسان، مع الأخذ في الحسبان أمثلة السياسات الوطنية لتطوير المبادئ الخاصة بمجموعة العشرين حول الذكاء الاصطناعي.
إن العمل الصحافي ليس آلة كاتبة تطبع نصوصا جامدة، وسيبقى البون شاسعا بين المحرر الآلي والصحافي البشري، وإن كانت ثمة محاولات؛ فالنتيجة وخيمة.