استيقظ العالم، صباح الأمس، على حديث مفاجئ عن بدء التطعيم ضد ڤيروس كورونا، ابتداءً من روسيا، ومرورًا ببريطانيا، ثم وصولًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية!

دون اتفاق بين الدول الثلاث، قررت بريطانيا البدء فى عمليات التطعيم مطلع الأسبوع المقبل، بعد اتفاقها مع شركة فايزر على توريد 800 ألف جرعة من مخازن الشركة فى بلجيكا! والطريف أن بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى، أصدر قرارًا بتعيين وزير فى الحكومة له مهمة واحدة هى الإشراف على عمليات التطعيم فى أنحاء البلاد.. وهذا قرار يعيد تذكيرنا بقرار طريف فى موضوع آخر كانت الحكومة اليابانية قد اتخذته بتعيين وزير للسكان، ولكنه لتشجيع اليابانيين على الإنجاب وليس لتنظيم النسل طبعًا.. والسبب أن سكان البلد فى تناقص واضح، وأنه لابد من عمل شىء، وإلا فسوف ينقرض اليابانيون بالفعل، كما تقول دراسة عندهم شهيرة ومنشورة!

وفى الولايات المتحدة الأمريكية، قررت الحكومة تسلُّم أول دفعة من الجرعات من «فايزر» يوم 15 من هذا الشهر، ودفعة أخرى من شركة «موديرنا» يوم 22، دون أن تحدد موعد البدء فى التطعيم لأن ذلك فى حاجة إلى تصريح من هيئة الدواء والغذاء الأمريكية!

وفى روسيا، أنتج الرئيس الروسى بوتين لقاحه الخاص، وأطلق عليه اسم «سبوتنيك»، وخاطب المسؤولين عن الصحة بما معناه أنه ينتظرهم، فى اجتماعه بهم الأسبوع المقبل، ليبلغوه بأنهم بدأوا التطعيم، لا ليقدموا تقارير عن إصابات ووفيات الڤيروس!

وفى الرياض، قرر الملك سلمان بن عبدالعزيز إتاحة اللقاح مجانًا للمواطنين والمقيمين، وهو القرار ذاته الذى اتخذته حكومة الشيخ صباح الخالد فى الكويت!

وهكذا.. انتقل العالم، دون مقدمات تقريبًا، من أجواء كان مشغولًا فيها بإحصاء الإصابات والوفيات، والخلاص من الموجة الثانية، والتحسب للموجة الثالثة، إلى أجواء أخرى تمامًا تنشغل بإحصاء الجرعات، وتحديد أصحاب الأولوية فى الحصول عليها!

وما لم يتحسب له العالم أن قطاعًا لا بأس به من الناس ينوى عدم الحصول على اللقاح، ويعلن ذلك ويتمسك به لأن هذا القطاع من الناس يشك فى موضوع كورونا كله منذ بدايته، ويراه مُحاطًا بعلامات استفهام مُعلَّقة فى الأفق بلا إجابات، ويرفض أن يكون طرفًا فى ملف يغلب فيه الغموض على الوضوح!.