جميعنا يعرف أن المال (وسيلة لتداول المنافع) ولكنه أيضا يمكن أن يستخدم كـمنتج، وبضاعة، وخدمة مدرة للمال.. فـالمال مثلا هو منتج البنوك، وبضاعة المرابين، والخدمة التي يقدمها لك تجار التقسيط.. يتحـول إلى أصل مــدر للمال حين تتوقف عن استهلاكه وتبذيره، وتبدأ باستثماره أو استخدامه لشراء أصول تقـدم عوائد دورية مستقرة..
الحقيقة التي أكره قـولها هي أن البشر ينقسمون إلى فريقين، فريق يعمل لأجل المال، وآخر يعمل المال لأجلهم.
حين تصبح سيدا للمال سيعمل بالنيابة عنك، وبطريقة أفضل منك، ويكفيك عـناء التعـب وتحصيل الـرزق وضيق الوقــت..
أما حين تكون عـبـدا للـمال، ستظل في حالة مطاردة له، وانتظارا لحضوره، وتعيش حياة شحيحة بسبب طبيعته الغالية والعـزيزة..
حين تعمل من أجل المال (ومـن لا يفعل ذلك؟!) تصبح مغلوبا على أمرك وتستقطع من صحتك وأوقات فراغك مالا يمكنك تعويضه ــ وكلاهما نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس كما جاء في الحديث الشريف.. ولكن حين تسخر المال ليعمل من أجلك، وبدلا منك، تحقق عوائد مالية أكبر ــ وفي الوقت نفسه تملك وقتا أطوال للاستمتاع بحياتك والاهتمام بعائلتك.. وتتقاعد في سن الشباب!!
"تـعميل المال" مصطلح لا تجده في القاموس ويأتي على وزن (تـفـعـيل) وجعل الشيء يعمل لمصلحتنا ــ كـتفعيل النظام الجديد في هاتفك القديم.. والطريقة الوحيدة لــ"تعميل المال" هي استثماره وتنميته وادخاره بنية شراء الأصول المدرة لــه.. أكبر أكذوبة نعلمها لأطفالنا هي أن الثراء وكسب المال يتطلب قدرا كبيرا من العمل والتعب والعمل المرهق. لـو كانت هذه النصيحة (صحيحة) لكان عامل البناء أغنى من جيف بيزوس، وعامل النظافة أغنى من بيل جيتس، وعمال المناجم أكثر ثراء من الموجودين كافة في قائمة فوربس لأغنى أغنياء العالم..
الحقيقة التي لا يعرفها معظم الناس، أن ما يصنع الثروة ويزيد الدخـل (ليس العمل المرهق) بــل الصفقات الذكية، والاستثمار المنتظم، وتسخير المال لجلب المال.. ما يجب أن تفهمه جيدا أن الأثرياء لا يعملون بأنفسهم (مثل بقية الخلق) لأنهم اكتشفوا (دون بقية الخلق) كيفية تعميل المال وجعله يعـمل بالنيابة عنهم...
وهذا بالضبط ما عـناه وارن بافيت حين قال: إن "لم تجد وسيلة لجعل المال يعمل عـنك وأنت نائم، ستضطر للعمل طـوال حياتك".