من المعروف أن للشخص كامل السيادة على نفسه وممتلكاته من سيارة أو منزل وخلافه، بيد أنها سيادة تتناقص شيئا فشيئا مع تطور أجيال الفضاء الإلكتروني والجيل السادس على وجه التحديد الذي طور مفهوم الإنترنت ليس اتصالا فحسب، بل لأسلوب حياة يكون الجامد فيه بحواس وأجهزة الواقع الافتراضي بديلا للهواتف تعتمد على مليارات المحطات التي تملأ البر والبحر والجو.
وبإزاء هذه التطورات الاتصالية يفكر كثير من الدول في بلقنة شبكة الإنترنت أي بناء شبكتها الخاصة بها دون الاستعانة بالخارج، بمعنى أنه بالإمكان تحويل واحدة من أكثر منصات الاتصال انفتاحا في الكون إلى شبكات خاضعة للرقابة والسيطرة المحلية بشكل محكم، ما يضع المشهد أمام خيارين، إما قبول البلقنة ثم بناء سيادة رقمية وحماية البيانات، أو خيار الوضع الحالي وفتح البيانات مع المحافظة على التدفق الحر للمعلومات، وكلا الخيارين أحلاهما مر؛ فالأول له شواهد حية مثل شبكة "كوانجميونج" في كوريا الشمالية وشبكة حلال إنترنت في إيران وشبكة "رونت" الروسية وغيرها.
أما الخيار الآخر، الذي تعمل به جميع دول العالم تقريبا عدا الدول أعلاه، فهو خيار شابته مشاعر الخوف أخيرا نتيجة لتسريبات أفادت بأن دولا تراقب الإنترنت العالمي وتستخدم نفوذها للسيطرة والتجسس، وفقا لوجود مليارات المعلومات محفوظة في أسواق سحابة مهيمنة عليها شركات معروفة منذ عقود، ويحذر محللون من أن النتيجة يمكن على الأرجح أن تكون تسارعا في عملية كانت تجري منذ فترة تعمل في إطارها الدول الأخرى على تسوير شبكاتها لتحمي بيانات مواطنيها وتقيد حركة المعلومات.