تعرضت مبادرات ومشاريع واتفاقات الدفع بالأزمة اليمنية في مسار الحلول إلى انتكاسات عديدة لأسباب كثيرة من أهمها انقسام الصف اليمني والشروخ التي أصابته نتيجة الانشقاقات واختزال القضية الكبرى في خلافات ومناكفات جانبية استحضرت ملفات قديمة على حساب المستجد الأخطر، ووصلت الأمور أكثر من مرة إلى حافة الانهيار التام وفقدان الأمل لولا الحكمة والهدوء والصبر والمثابرة التي مارستها المملكة لتفادي المآلات السيئة وقطع الطريق على الأطراف التي تحرص على تشرذم اليمن.

كان اتفاق الرياض بمثابة الإنعاش القلبي للقضية اليمنية، ورغم كل العثرات فقد ثابرت المملكة لإنجاحه، ليتم تنفيذ الشق العسكري والأمني منه مؤخراً، ثم تشكيل الحكومة وإعلانها رسمياً مساء الجمعة، لينتعش الأمل مجدداً، ولكن هاتان الخطوتان رغم أهميتهما ليستا سوى جزء من بقية المبادئ الأساسية لاتفاق الرياض التي لا تقل أهمية، وعلى جميع الأطراف العمل على تنفيذها.

إن الحكومة الجديدة تتحمل مسؤولية تأريخية كبيرة لاستكمال كل الخطوات اللازمة لإنقاذ اليمن من الوضع المتردي الذي أوصله له حكم المليشيا الحوثية وانتشاله من أخطار وجودية سيكون صعباً جداً إزالتها لو طال الوقت، ومن أهم معادلات النجاح تجنيب كل الاعتبارات الهامشية لتحقيق الهدف الرئيسي، فبعد انصهار الانتقالي الجنوبي في حكومة الوحدة الوطنية لا بد من قطع الطريق على المزايدين والمتاجرين بأزمة اليمن، وعملاء الأطراف الخارجية التي تدس أنفها بخبث في الشأن الوطني اليمني. هناك عمل كبير ينتظر الحكومة اليمنية الجديدة إذا أرادت فعلاً أن تكون الحكومة الوطنية المنقذة، ومع تقديرنا لصعوبة المهمة إلا أنها بالنوايا المخلصة والعمل الجاد ودعم المملكة اللامحدود تستطيع تحقيق الكثير.