أبى هذا العام القبيح (2020) أن يغادرنا إلا ببعض الحوادث السيئة والأخبار المحزنة، وأبى أن يغادر إلا وقد بذر بذراً للسنة الجديدة، حتى تشتد وتورق وتثمر حنظلاً في مقبل الأيام.

كثيرة هي توديعات السنة الراحلة، توديعات السوء، منها هجوم الحوثي بتقنية وخبرة ورجال من إيران على مطار عدن، بالتزامن مع وصول الحكومة الجديدة التي تشكلت بعد جهود الرياض لإنجاح اتفاق الرياض... والعالم الغربي كعادته يصدر التعليقات الباردة السمجة بحدود القلق والاستهجان...«وبس»!

دعنا من هذا، فقد ملأ الغرب قلوبنا قبحاً بهذا اللؤم والتخاذل... شخصياً حزنت جداً لخبر وفاة مفاجأة، ذلكم هو خبر رحيل الفنان والمبدع والمخرج السوري، فتى الجولان، حاتم علي، رحمة الله تتغشاه.

خذله قلبه الكبير، وعطب، وهو بالكاد يطوي عقد الستين.

عرفت الراحل معرفة لا بأس بها، بسبب ظروف عمل جمعتني به، ولست أنسى أحاديثه الممتعة الذكية، ونظراته الإبداعية الإنسانية، ونحن على ضفاف النيل في القاهرة في «سوفتيل الجزيرة».

فقدان المبدع «الحقيقي» والإنسان الذي لم يتخلَّ عن صفاته الإنسانية، في هذا الزمن، فقدان عزيز وفادح.

لست أزعم صداقة خاصة بحاتم، لكن كفاني منه على المستوى الشخصي الفترة التي تعرفت بها عليه، رفقة المبدع المصري الآخر السيناريست عبد الرحيم علي، وأتذكر حديث الاثنين المتوهج عن تجربة مسلسل «أهو دا اللي صار» قبل استواء العمل للعرض الأخير.

من روائع حاتم علي التي خلدته وستخلده أكثر: «الزير سالم»، و«رباعية الأندلس» وغيرهما كثير.

في أواخر التسعينات، أخرج مسلسل «الزير سالم» الذي كتبه الراحل ممدوح عدوان، فكان العمل نقطة تحول في مسيرته الفنية. وتألق في هذا العمل نخبة من فناني سوريا، أمثال سلوم حداد والراحل خالد تاجا وعابد فهد وسمر سامي وجهاد سعد وتيم حسن وقصي خولي وكثيرين غيرهم.

المسلسل كما نعلم هو مقاربة درامية جديدة لحرب البسوس وقصة المهلهل بن ربيعة، والملقب بالزير سالم.

المسلسل نجح شعبياً وعربياً، خاصة في السعودية، حين عرض عام 2000. وقد أعلن الفنان الراحل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن مشروع إعادة إنتاج قصة الزير سالم وحرب البسوس في فيلم سينمائي.

رحم الله «جواهرجي» الفن العربي حاتم علي... الإنسان الجميل الذي لم يقدر كغيره من طيور الشام على البقاء. فكان آخر مشروعاته الشخصية الهجرة إلى كندا...