دخلنا أمس بداية عقد ثالث من قرننا الحالي، القرن الحادي والعشرين. عشرون عاماً مضت على القرن، الذي لم يكن مجرد قرن جديد، وإنما هو فاتحة ألفية ثالثة في التاريخ البشري.
تعود بنا الذاكرة اليوم إلى النقاشات التي خيضت قبل عشرين عاماً، ونحن نودع قرناً ونستقبل آخر جديداً، ونودع ألفية بكاملها لنستقبل ألفية جديدة، وفي هذا النقاش وضعت مؤلفات وكتب بمختلف لغات العالم، وبعضها ترجم إلى العربية.
حسبنا هنا أن نذكر نماذج على مثل هذه المؤلفات، المتاحة لها ترجمات إلى العربية، أحدها صادر في سلسلة عالم المعرفة بدولة الكويت، عنوانه الرئيسي هو: «رؤى مستقبلية»، أما عنوانه الشارح فيقول: «كيف سيغير العلم حياتنا في القرن الحادي والعشرين»، لمؤلفه ميتشيو كاكو.
وهناك كتاب مهم صدر في منتصف تسعينات القرن الماضي، في السلسلة نفسها، عنوانه: «عندما تغيّر العالم»، الذي لم يكتف مؤلفه جيمس بيرك برصد وتتبع أبرز تحولات العالم خلال القرون الأربعة الماضية، وإنما أراد من خلال ذلك تقديم تصور مستقبلي للعالم يستفيد من تجارب تلك التحولات.
لا يقل أهمية عن ذلك كتاب صدر في الفترة نفسها عن المجمع الثقافي في أبوظبي بعنوان: «عقل جديد لعالم جديد»، يشي عنوانه الشارح بأهمية ما تناوله مؤلفا الكتاب، روبرت أورنشتيان وبول إيرليش، ألا وهو: «كيف نغيّر طريقة تفكيرنا لنحمي مستقبلنا».
ليست لغة التفاؤل وحدها ما طبعت مناهج ورؤى واضعي هذه الكتب، ولا الدعاوى الخيّرة والنبيلة وحدها لأن نغير التفكير والسلوك ومناهج التنمية وبرامج التربية والتعليم، كطرق أو جسور نحو عالم أفضل من الذي عاشه أسلافنا، فهناك مؤلفات مملوءة بالتحذيرات من المخاطر المقبلة، التي عشنا بعضها بالفعل خلال العقدين الماضيين، ومن ذلك ما حذّر منه الباحث إينياسيو رامونيه، في كتابه: «حروب القرن الحادي والعشرين – مخاوف ومخاطر جديدة».
ولو أن المساحة تسمح بإيراد عناوين أخرى، لفعلنا، لكن غايتنا من هذا طرح السؤال المحوري عن: إلى مدى يمكن القول إن كبار الساسة ومقررو الأمور، أصغوا إلى التحذيرات التي أطلقها أصحاب هذه المؤلفات، وإلى أي مدى أخذوا ب «خرائط الطرق» التي رسموها لكي نبني عالماً أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً ؟.
لعلنا نتفق أن الإجابة ستكون مخيبة للآمال، فلا حال المناخ والبيئة في العالم باتت أفضل، بل إنها أصبحت أسوأ، وعرف العالم في العام 2008 أزمة اقتصادية قاسية مازالت تداعياتها مستمرة، وبرهنت جائحة «كورونا» فقدان البشر للجاهزية المتوقعة في التعامل الأنجع مع تحديات من هذا النوع.
التعليقات