شهد العالم خلال عام 2020 أزمة لا مثيل لها، وبادر صندوق النقد الدولي ودوله الأعضاء على أثرها بالتحرك السريع لحسم الأوضاع والتداعيات والخسائر التي سجلت خلال هذا العام الذي تفشت فيه جائحة فيروس كورونا وسجلت دول العالم إصابات لم يشهدها العالم خلال الفترة الأخيرة في إصابات الوبائيات.
واتخذت الحكومات الوطنية إجراءات جريئة لإنقاذ الأرواح ومعالجة الوضع الصحي المترهل ووضع حد لهبوط الاقتصاد العالمي، شملت تدابير على صعيد المالية العامة بنحو 12 تريليون دولار، وتدابير من السياسة النقدية بتوفير 5,7 تريليون دولار. وستؤدي حزمة التدابير التي تمت المصادقة عليها في إطار مراجعة حصص العضوية التي اعتمدها مجلس المحافظين في شباط (فبراير) 2020 من أجل الحفاظ على ما لدينا من ذخيرة مالية.
ومن هذه التدابير مضاعفة موارد الاتفاقيات الجديدة للإقراض، وتنفيذ جولة جديدة من اتفاقيات الاقتراض الثنائية التي يتوقع دخولها حيز التنفيذ في شهر كانون الأول (يناير) 2021. وقد بادرت الدول الأعضاء كذلك بتقديم مساهمات ضرورية أيضا لتمويل الصندوق لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون والصندوق الائتماني للنمو والحد من الفقر. واستطاع الصندوق بفضل هذه الموارد أن يلتزم بتوفير أكثر من 100 مليار دولار لمساعدة دوله الأعضاء للحد منذ بداية الجائحة. وتضمن ذلك تزويد دولنا الأعضاء منخفضة الدخل بمساعدات تخفيف أعباء الديون التي باتت في حاجة ماسة إليها، وتمديد العمل بها حتى نيسان (أبريل) 2021، إلى جانب القروض بشروط ميسرة، بما في ذلك زيادة مثل تلك القروض بمقدار عشرة أضعاف منذ بداية الأزمة مقارنة بما نقوم بصرفه عادة على مدار العام.
وقد جاءت استجابتنا شاملة لجائحة كورونا التي شهدها عام 2020، حيث قدم الصندوق الدعم للدول الأعضاء سواء التي دخلت الأزمة وهي تعاني مواطن ضعف مثل ارتفاع مستويات الدين أو التي تتمتع بأساسيات اقتصادية جيدة، لكنها في حاجة إلى هوامش وقائية. وفي سياق الاستجابة للأزمة الراهنة، سارعنا بالتركيز على احتياجات دولنا الأعضاء الأكثر إلحاحا فقد بادرنا بتبسيط إجراءاتنا وسارعنا باعتماد أسلوب العمل من بعد لتسريع وتيرة صنع القرار، وكثفنا جهودنا للمناقشات بشأن السياسات، والمساعدة الفنية، والتدريب. وأنشأنا أداة لتتبع السياسات تلخص الاستجابة الاقتصادية الرئيسة التي تصدرها حكومات 196 اقتصادا، من أجل تبادل المعلومات والبيانات والتحليلات هو السبيل الوحيد الذي يسمح لنا بإضافة قيمة جهودنا من أجل دولنا الأعضاء ورغم الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذها الصندوق، فقد ظلت آفاق مشوبة بعدم اليقين. وتواجه الدول في الوقت الراهن رحلة صعود طويلة على درب شاق وغير ممهد ومحفوف بعدم اليقين، كما أنه سيكون عرضة للانتكاسات، ومع ما نتمتع به من حيز كبير في طاقتنا الإقراضية التي تبلغ تريليون دولار، فإن الصندوق متأهب للمساعدة أكثر من قبل. وبالعمل مع دولنا الأعضاء البالغ عددها الآن 190 بلدا بعد انضمام أندورا لعضوية الصندوق - سنتمكن من بناء تعاف أكثر صلابة واحتواء للجميع.
ويوضح التقرير السنوي أنشطة المجلس التنفيذي، وخبراء الصندوق في مجالات المشورة بشأن السياسات، وإقراض، وتنمية القدرات لمساعدة دولنا الأعضاء قبل الجائحة وأثناءها مع التركيز على السياسات لمصلحة الناس التي تقر بآثار السياسات الاقتصادية الكلية على الأفراد.
كما سلط تقرير صندوق النقد الضوء كذلك على كيفية مواصلة ترسيخ جهودنا في مجالات استدامة القدرة على تحمل الدين، والحوكمة، ومكافحة الفساد، والإنفاق الاجتماعي، والتكنولوجيا الإحلالية والنقود الرقمية، وتغير المناخ. فالعمل في كثير من هذه المجالات يفتح الباب أمام فرص التعافي القائم على التحول من خلال تحقيق النمو الغني بفرص العمل ليعود بالنفع الاقتصادي على الجميع.