لا أعلم لماذا لفت نظري عنوان «رقص في الشوارع» وأنا أتابع تقرير «رويترز» عن المدينة الكابوس؟ وأقصد بها «ووهان» الصينية التي حبست أنفاس العالم منذ عام، ومن خلالها انطلق مرض العصر «كورونا المستجد»، ذاكرة المدن ذاكرة مؤلمة في أوقات الفرح والحزن، وتربط المدن بعلاقة روحية متجددة، أحياناً هناك مدن لم نزرها ولكن تعرفنا عليها أو على أي أحد من أهلها أو ارتبطنا بذاكرة معينة عنها يجعلنا لا إراديا أكثر التصاقاً بها!

ولكن.. هل المدينة الصينية التاريخية كأي مدينة؟ بطبيعة الحال هنا الوضع مختلف، وشخصياً كنت أتابع ما يحدث فيها، لم يكن خطر الجائحة قريباً منا، ولكن ما كان يتناقله الإعلام أمر فظيع بكل ما تعنيه الكلمة، لن أنسى منظر السلاسل وهي تقيد الكثير من البيوت لمنع خروج أهلها، ولمنع التجول على مدار الساعة، «23 يناير 2020» كان موعداً تاريخياً بالنسبة لنا في معرفة ماذا يعني عزل مدينة عن المحيط الذي حولها، واعتبار أكثر من 11 مليون نسمة تحت الإقامة الجبرية بكل ما تعنيه الكلمة لمدة 76 يوماً تقريباً؟ والمدينة يموت فيها بسبب هذه الجائحة منذ اكتشافها آخر العام 2019 أكثر من أربعة آلاف شخص.

ذاكرة المدن عندما ترتبط بمثل هذه الذكريات المؤلمة تجعل كلمة احتفال، رقص، تفاؤل، حرية من الكلمات التي تكون متخمة بالمعاني التي تصور حالاً مغايراً لما كانت عليه، الكل حول العالم نظر لهذه المدينة نظرة سلبية، نظرة تشاؤمية، كونها سبب لما حل بالعالم من وباء ومازال، لذلك من الطبيعي، أن يكون عنوان الرقص في الشوارع ملفتاً للانتباه في هذه المدينة التي شهدت أول تجارب محاربة كورونا عالمياً، وتم تطبيق ما تم في أغلبية دول العالم ونحن بطبيعة الحال كنا جزءاً مهماً من هذا العالم وما حدث.

لذلك لا يمكن أن ننسى ما حدث لنا في بعض مدن المملكة ومنها الرياض، عندما تم إلغاء قرار الحجر في الرياض، تجارب غنية وعديدة مرت، كانت بيوتنا تحفل بالعديد من القصص الكثيرة والكثيرة، فكما رقصت شوارع ووهان نحن أيضاً رقصت شوارعنا، ولكن لا يمكن إغفال أن الرقص في المدينة الصينية كان مختلفاً، كانت متابعتنا لاحتفالهم بالعام الجديد مختلفاً أيضاً، «ووهان» ستبقى في ذاكرتنا ورقص أهلها وما تابعناه من ألم لهم، ومعلومات غير دقيقة عن الإصابات والضحايا سيجعلنا بالفعل نتعاطف نوعاً ما مع المدينة التي كانت الأشهر بالحدث المؤلم عالمياً والذي ارتبطت به وارتبطنا بسببها به.