وقَّع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في مطلع السنة الجديدة (2021) مرسوم تعديل الدستور ـ الذي أقره الشعب في استفتاء عام مباشر، ومن أهم ملامح هذا الدستور تعزيز دور الأغلبية النيابية، إذ أوجب إسناد رئاسة الحكومة إليها (المادة: 110)، أي إن رئيس الجمهورية أصبح مُلزَماً بتعيين رئيس الحكومة من المعارضة إذا فازت بالأغلبية في مجلس النواب، بعد أن كان حرّاً في تعيين رئيس الحكومة وفقاً لرغبته وبغض النظر عمَّن يفوز في الانتخابات النيابية.

ويفتحُ التعديل الدستوري مجالاً لثنائية القيادة المتمثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المنبثق من الأغلبية النيابية في حال فوز المعارضة، بما يعني تحرير الحكومة من ضغوط رئيس الجمهورية في هذه الحالة، لكن يُشترط في ذلك حصول المعارضة على الأغلبية النيابية، أما إذا كانت الأغلبية موالية للرئيس، فإنه يُعيِّن وزيراً أول وفق تقديره.

ومعنى ذلك أن الشخص الذي يقود الحكومة تكون له صفتان بحسب الأحوال، فهو «الوزير الأول» إذا كان الفائز في الانتخابات النيابية هو الحزب الموالي للرئيس (المادة 103)، وهو «رئيس الحكومة» إذا فازت المعارضة (المادة: 110)، ولعل الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تتبنَّى هذا التصنيف. أما رئيس مجلس الوزراء فهو في كلتا الحالتين رئيس الجمهورية.

ومن ملامح الدستور الجديد العودة إلى تحديد ولاية الرئيس بعُهدتين فقط، متصلتين أو منفصلتين، لمدة خمس سنوات بموجب المادة (223) المحصَّنة من أي تعديل دستوري.

وحظيت وسائل الإعلام التقليدي والإلكتروني بالحماية من المنع أو الإغلاق إلا بحكم قضائي (المادة: 54)، أي منع الرقابة القَبْلية على وسائل الإعلام. وهذا تطوير مهم في مجال حرية التعبير، كما وفَّر الدستور الجديد حماية مماثلة للأحزاب السياسية (المادة 57).

ومن أهم ملامح الدستور الجديد مَأْسَسَة محاربة الفساد، إذ أصبحت الحكومة ملزمة بمنع الفساد ومحاربته، وفقاً للفصل الرابع الذي أنشأت (المادة 204) منه «السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته».

ومع ذلك، فإن بعض مواد الدستور أثارت جدلاً، ومنها (المادة: 223) المحصَّنة من التعديل والتي تنص على ترسيم اللغة الأمازيغية، وكذلك المقتضيات المتعلقة بتدخل الجيش في مهمات خارجية (المادة: 91).

يبقى الأمل قائماً على أن يكون الدستور الجديد فاتحة خير للجزائر وشعبها، للدخول في الحكم الرشيد والنهضة الشاملة.