كانت أولى رحلاتي الجوية متوالية الطائف - الرياض. الأولى كانت تحتضن أهلي، والثانية فيها مقر دراستي. استمرت هذه الحالة مدة غير قصيرة، وأساسها الطلب والشفاعات للحصول على المقاعد في أي جزء من الطائرة، لعدم توافر عدد كاف من الرحلات، بسبب مفهوم قوائم الانتظار.
تعيش المجتمعات اليوم مفهوم عالمية السفر الجماعي، المرتبط بالإجازات أكثر من ارتباطه بالأعمال، ما يجعل رحلات وسط الأسبوع شبه شاغرة عموما، ومع "كوفيد" تقلصت أعداد المقاعد وتوقفت الطائرات في المدرجات.
ورغم توافر أعداد وأحجام أكبر من الطائرات للرحلات الداخلية، بسبب تقليص الرحلات الدولية، أستغرب أننا لا نزال نواجه صعوبة الحجوزات وارتفاع الأسعار طوال أيام الأسبوع، وتلكم إشكالية ستتضاعف بعد أن يفتح السفر على مصراعيه للخارج، عندها ستكون الأزمة أشد حدة في سوق السفر عموما.
أتاحت الجهات المختصة السعودية الفرصة للاعبين جدد في سوق السفر - وهو مغر جدا - وهذا ما أكده وزير السياحة، الذي توقع أن تصل أعداد السياح إلى 100 مليون خلال أعوام معدودة - فهل لاعبو سوق النقل الداخلي والخارجي جاهزون لمواجهة هذا التحدي القادم لا محالة؟
سؤال مهم، لكنه يظل مؤثرا في ميزانية الأسرة السعودية في الحاضر والمستقبل. استمرار هذا الاحتياج، مع التنافس الذي نشاهده، يتطلب من الشركات عناية أكبر بعمليات التسويق لخدماتها، وإضافة مزيد من الرحلات والخدمات على متن الطائرات، لتحقيق التوازن بين العرض والطلب المؤثر مباشرة في الأسعار.
شركات النقل الجوي الاقتصادي ستلزم مستقبلا بالترويج لنفسها، وتقديم بعض التنازلات عن عمليات إلزام المسافرين بأمور، مثل الدفع مقابل حمل الحقائب الشخصية، وكذلك تحديد أسعار معقولة لما تقدمه من مواد غذائية ومشروبات. يمكن أن تدخل هذه الشركات بشكل أقوى في مجال بيع منتجات أكثر جاذبية، من خلال برنامج تقويم شامل لما يمكن أن يعرض في المبيعات الجوية.
تحتاج هذه الشركات أيضا إلى فرد مباسم موظفيها، سواء القبطان أو الفريق الذي يستقبل الناس في الطائرة، وعلى طاولات التسجيل في المطارات، وهذه شاهدتها لدى بعض قادة الطائرات السعوديين، لكنها مفقودة عند كثير من الأجانب. الإضافات البهيجة تؤثر في شخصية وجمال وجاذبية الشركة، كل الإضافات الناعمة تحمي موارد الشركة وترفع أسهمها بزيادة أعداد من يفضلون التعامل معها.