استوقفني خبر مصادقة مجلس الشيوخ الأرجنتيني الذي ينظر إليه على أنه محافظ، على مشروع قانون يشرع الإجهاض، لتصبح الأرجنتين بذلك إحدى أولى كبرى الدول في أمريكا اللاتينية التي تشرع الإجهاض، وهو يعطي النساء الحوامل حق الإنهاء الطوعي (الإجهاض) قبل إكمال 14 أسبوعا من الحمل، يأتي القرار في ظل موجة كبيرة من المطالبة بحقوق النساء في أمريكا اللاتينية. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة تقدر عدد حالات الإجهاض التي تجرى سرا بما يصل ما بين 370 و520 ألف عملية إجهاض في دولة يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة.
وبالنظر إلى الإحصاءات في بعض الدول، فإن الإجهاض ليس أمرا استثنائيا ومحدود الحدوث! ففي الولايات المتحدة وحدها، حدثت 862 ألف حالة إجهاض في 2017، والغريب أن 59 في المائة من النساء المجهضات هن أمهات، وأخطر من ذلك أن هناك 18 في المائة من حالات الحمل في أمريكا تنتهي بالإجهاض، أي نحو خمس حالات الحمل!
ونظرا لظروف الإجهاض، فإن الإحصاءات متفاوتة من مصدر إلى آخر، وتقدر بنحو 42 مليون حالة سنويا على مستوى العالم، نصفها آمن والنصف الآخر يحدث تحت ظروف وإجراءات غير سليمة، وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 29 في المائة من حالات الحمل تنتهي بالإجهاض المتعمد، ونحو 45 في المائة من حالات الإجهاض المتعمد توصف بأنها غير آمنة. وكثير من حالات الإجهاض غير الآمن يعرض صحة المرأة للخطر نتيجة المضاعفات التي تؤثر في جودة حياتها في كثير من الأحيان، بل تهدد الحياة نتيجة عملية الإجهاض غير المكتمل أو النزيف أو إصابة الأعضاء التناسلية الداخلية بالتلف.
يحدث ذلك على الرغم من أن معظم الدول تحظر الإجهاض غير القانوني إلا في ظل ظروف استثنائية، كأن تكون حياة الأم في خطر أو عندما تكون الصحة العقلية للأم أو الطفل مهددة. ولكن هناك تفاوت كبير بين الدول في شروط تنفيذ عمليات الإجهاض، فالأغلبية الساحقة من الدول أي 190 دولة تسمح بالإجهاض لإنقاذ حياة الأم، وبعض الدول للمحافظة على الصحة العقلية والجسدية للأم فقط، ودول قليلة تسمح بالإجهاض في حالات الاغتصاب، أو تشوه الجنين، ونحو 30 في المائة من الدول تسمح بالإجهاض لأسباب اقتصادية. ولكن ربع دول العالم تقريبا يسمح بالإجهاض عند الطلب، أي دون قيود.
ونظرا لحساسية الموضوع تندر إحصاءات الإجهاض في الدول العربية، على الرغم من وجوده وخطورته في المجتمعات البشريةكافة، والمجتمعات العربية ليست استثناء، ما يتطلب الشفافية من أجل التوصل إلى حلول ومعالجة مناسبة سواء صحية أو اجتماعية. ولا تقتصر حساسية الموضوع على الدول العربية، بل أصبح موضوع الإجهاض من الموضوعات الانتخابية في كثير من الدول الديمقراطية المتقدمة التي تميز مرشحا عن آخر، وأحيانا يدخل موضوع دعم أو عدم دعم الإجهاض ضمن اشتراطات الدول في دعمها المنظمات الدولية، كمنظمة الصحة العالمية وغيرها.