هناك شيء شديد الأهمية، لو خَلَت منه حياتك فقد لا تنفعك أعظم الأدوية والتقنيات، ألا وهو الحب.

الحب ليس مجرد علاقة عاطفية بينك وبين شخص واحد، الحب كما يصفه علماء الطب هو مجموع اللحظات الإيجابية الصغيرة والكبيرة بينك وبين كل الناس، مثل التضاحك مع عامل، التربيت على كتف زميل، ضمُّ طفلة، تقبيل رأس من هم أكبر منك، الاندماج في لحظة عاطفية مع زوج أو زوجة، التسامر مع صديق، عيادة مريض، زيارة قريب، كل هذه من أنواع الحب الذي يحتاجه الجسم بشدة.

تفاجأت بهذه المعلومة في كتاب Cured للطبيب «جفري رديغر»، فبعد عشرات السنين من التركيز على الأسباب المادية للمرض والشفاء بدأ أطباء يركّزون على تأثير المشاعر على الصحة، بل توصّلوا لجزء في الجسم هو الرابط بين القلب (كمقر المشاعر) والجسم وهو عَصَب يُسمى العصب المبهم (بالإنجليزية Vagus nerve)، قريب من موضع النبض في رقبتك.

عندما نشعر بالحب وباتصالنا مع أناس آخرين يضخ الجسم هرمونات في الدم، نوعها يعتمد على نوع المشاعر (حب أم، حب زوج، حب صديق)، ولكن كلها مزيج من عدة هرمونات أهمها هو «أوكسيتوسين» والذي يسمى الدواء الحُبّي، ولوحظ ارتفاعه عند أم ولدت طفلا، له تأثير مقاوم للضغط النفسي والالتهابات الداخلية.

وما الذي يتحكم بإفراز هذا الهرمون في جسمك؟ العصب المبهم. وكيف تُنشِّط هذا العصب ليقاوم الأمراض الالتهابية التي تشمل السرطان والروماتيزم والتهاب القولون وفشل القلب الاحتقاني والصرع ومرض كرون والاكتئاب والصداع وطنين الأذن والسكري وأمراض مناعة ذاتية أخرى؟ عدة طرق، منها الحب، كل لحظة من مشاعر اتصال إيجابية صغيرة أو كبيرة سواء مع غرباء أم أحباب أم نفسك (نعم، لنفسك عليك حقٌّ من الحب!)، كل منها قطرات تنشّط العصب. بل وجد الطب أنك كلما نشّطته -سواء بالتنفس العميق والتأمل أو بالعلاقات المُحِبّة والتواصلات الإيجابية- صار أقوى.

الدكتور جفري سمع بمركز تشافٍ برازيلي يذهب له المصابون بأمراض عضال فيتشافون بسرعة، لم يصدق، ولكنه ذو عقل متفتح فقرر أن يرى بنفسه قبل أن يكذّب الخبر، وهناك التقى برجل أميركي اسمه «مات»، أتى ومعه أشياؤه الصغيرة وتقرير من أطباء أميركان أن لديه 3 أشهر ليعيش كحد أقصى، سأله جفري فقال مات إنه ذات يوم شعر بأعراض غريبة وصُدِم لما قال له الطبيب أنه مصاب بسرطان مخ نادر لا علاج له ويميت في أشهر، خضع للجراحة، ولم تنفع كثيراً، بدأ العلاج الكيميائي فأشعره بالمرض، وقرر التوقف لأنه لم يرغب أن تكون بقية حياته قيئا وغثيانا وضعفا. سمع بالمركز البرازيلي فأتى يائسا، فيه مجتمع يحتضن الناس بالعادات الغذائية والرياضية السليمة وكذلك بالحب والتعاطف والتقارب، هناك التقى بفتاةٍ أحبها من شغاف قلبه، فمكث في البرازيل، بعد أن غرق في مشاعر يومية من الحب مع زوجته ومع أهل المركز رجع مات بعد سنتين إلى أميركا وصُعِق الأطباء لما رأوا نتيجة الرنين المغناطيسي: لقد ذاب الورم الكبير في مخه.

الحب قضى على السرطان، بل قالوا له إن العلاجات ستجعله عقيما ومع ذلك وُلِد له طفلان.

تشبَّع وتَشبَّعي بالحب. اغمر واغمري نفسك وغيرك به.

هيا بنا نتشافى ونتعافى ونمتلئ صحة وسعادة.. بالحب.