الخميس الماضي وافق مرور 15 عاما على أعظم انهيار في تاريخ الأسهم السعودية.
فـفي "25 فبراير2006" أغلق المؤشر عند أعلى نقطة في تاريخه "20636"، وفي اليوم التالي بدأ الانهيار بسبب الخروج الجماعي للمتداولين الكبار. أدركوا أن الفقاعة بلغت حدها الأقصى، فـباعـوا أسهمهم عند حدودها العـليا، وانفجرت الفقاعة في وجـه من لم يهـرب في الوقت المناسب. لم يستوعب المتداولون الصغار ما حدث بالسرعة الكافية، وتصور معظمهم أنه تراجع تصحيحي لن يستمر أكثر من أسبوعين. وحـين استوعبوا ما حدث، انتشرت بينهم حـالة هـلع، وفشل أغلبهم في سحب أمواله بسبب ضغط أوامر البيع، وعـدم وجود مشترين أصلا. وهكذا تفاقمت قسوة الانهيار واستمر المؤشر في الهبوط إلى 13 ألف نقطة، قبل أن يستقر فترة بسيطة ثم ينزل مجددا حتى ثمانية آلاف نقطة!
وفي "تلك الأيـام" لم أقابل أحـدا نجا من الكارثة. فـمعظم الناس في ذلك الوقت لم يكونوا يملكون خططا استثمارية واضحة، أو تكن لهم فترة طويلة في السوق تمنحهم متوسط أرباح تحد من قسوة الانهيار.
ولهذا السبب بالذات، تفاوتت خسائر المتداولين بحسب الأقدمية وأسبقية الدخول وفـترة الاستثمار. فمن دخل مبكرا "قبل ستة أعوام مثلا"، لم يتأثر كثيرا بقسوة الخسارة. أذكر حينها أنني راجعت ثلاثة من أعرق الصناديق الاستثمارية في ثلاثة بنوك مختلفة، فوجدتها حققت أرباحا تقدر بــ796 و631 و793 في المائة "منذ 2000 حتى انهـيار 2006". وهذه النسب العالية "خلال الأعوام الستة التي سبقت الكارثة" لا تعوض فقط خسائر الانهـيار، بــل تتفوق عليها.
على أي حال، المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وأنـا شخصيا على قناعة أن انهيار 2006 يظـل حـدثا استثنائيا لا أعتقد أنه سيتكرر مستقبلا بهـذا الحجم والمستوى. فـما حدث في ذلك العام لـم يكن حـدثا اقتصاديا، بــل هوسا شعبيا وجنونا جماعيا يشبه ما حدث في أمريكا قبل 1929، وما حدث في سوق المناخ الكويتية في 1982، وما حدث في القرن الــ17 حين باع الهولنديون منازلهم مقابل زهرة توليب.
السوق السعودية أصبحت في الأعوام الأخيرة تتحرك بطريقة عقلانية وهوامش منطقية معقولة "بــدليل استقرار المؤشر ضمن هامش الثمانية آلاف نقطة خلال الــ15 عاما الماضية".
أصبحت أكثر اتـزانا بفضل تراجع بسيط في نسبة المضاربين الأفراد مقابل الصناديق الاستثمارية والمؤسسات المالية، التي تسهم في استقرار الأسواق. سـلوك المتداولين نفسه تغـير، فأصبحوا "هذه الأيام" إما أكثر خبرة ومهارة، وإما أكثر حـذرا عن سلوك المضاربة والتداول العشوائي.