تضع الإمارات ريادتها وجهودها المتقدمة في التعامل مع التحديات المناخية، في مبادرة فاعلة كبرى تجمع دول منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا على حوار إقليمي مؤثر لتسريع الجهود الرامية لتحقيق الأهداف الدولية في هذا الشأن، وهو الملف الذي تضعه الدولة على رأس سلم أولوياتها لإيمانها العميق بأن التغير المناخي هو التحدي الأكبر أمام العالم في حماية كوكبنا ومستقبل الإنسانية الأفضل واستدامة تنميتها وازدهارها.

السبق الكبير الذي حققته الإمارات في هذا المجال كان ملحوظاً أمام الجميع، فقد سلّمت الدولة مساهماتها المحددة وطنياً الثانية إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، لتشمل رفع سقف هذه المساهمات بتعهدها بخفض انبعاثات الكربون بنسبة الربع قبل 2030، وتعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة، والتوسع في مشروعات الاستدامة، ما يؤكد الالتزام الراسخ وبعيد المدى بالعمل المناخي، وهو ما تظهره أيضاً بوضوح المشاريع العملاقة والمبادرات والبرامج الضخمة التي تستثمر فيها الإمارات في هذا المجال، ليس على المستوى الوطني فحسب، وإنما في مختلف أنحاء العالم.

تكشف الأرقام في تحليل سريع عن هذا الدور الذي تقود من خلاله الإمارات جهود التغلب على القضايا المناخية عالمياً، إذ يبلغ مجمل حجم الاستثمارات المحلية في مشروعات الطاقة النظيفة 40 مليار دولار حتى الآن، كما تستثمر أكثر من 12 مليار دولار في 49 مشروعاً للطاقة المتجددة في 25 دولة، إضافة إلى الدعم الكبير الذي تقدمه للدول النامية في هذا المجال.

هذه الجهود الجبارة والسباقة يحركها إدراك بأن معركة التغير المناخي هي المعركة الأبرز أمام الإنسانية في العقود المقبلة، وهي معركة تحتاج إلى تكاتف في عمل دولي جماعي يكفل الالتزام به الوصول إلى الأهداف المنشودة التي توافق عليها العالم في اتفاقية باريس للمناخ، للحفاظ على كوكب الأرض سليماً للأجيال الجديدة.

استضافة الإمارات للحوار الإقليمي للتغير المناخي اليوم، وبمشاركة وزارية واسعة من دول مجلس التعاون والشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، وكذلك بمشاركة المبعوث الرئاسي الأمريكي لشؤون تغير المناخ، ورئيس الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، ترتقي بالاستعدادات الوطنية والإقليمية لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة المقبلة في مدينة غلاسكو بأسكتلندا، وتضع رؤية أوضح للعمل الموحد والالتزام الجماعي بهذه القضية التي باتت غاية في الأهمية للعالم أجمع، وهو ما تهدف من خلاله الإمارات إلى توحيد النهج لتعظيم تكامل الأدوار في هذه القضية.

التجربة المتفوقة للدولة وعملها الجاد والمبكر في هذا الشأن، يضعانها اليوم محوراً رئيساً، في قيادة المساعي الإقليمية والدولية لصناعة فارق حقيقي في مواجهة هذا التحدي المؤثر عالمياً.