ثمة تاريخ ناصع البياض للعمل التطوعي وغير الربحي في الكويت، تشهد له كثير من الأحداث التاريخية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود طارئين ومارقين ومتسلقين، تحت مظلة جمعيات النفع العام!

هناك العديد من المبادرات في شتى ميادين الحياة المهمة، كالتعليم والحريات والتعليم، وهي مبادرات ذات أهداف وطنية واجتماعية الأبعاد، ولكنها ليست بمنأى عن مرمى الفاسدين اخلاقياً والمتلونين.

أين تكمن العلة؟

العلة في مزيج من النوايا الطيبة والسذاجة التي تطغى في حضورها عند البعض من أفراد المجتمع، في قبول عضوية أو تكليف بعض الأفراد بدور قيادي لجمعية نفع عام، دون التقصي والتحقق عن ماضي هؤلاء الباحثين عن دور جديد كما تفعل الأفاعي، حين تتبدل الجلود دفعة واحدة، وهو ما يعني أن مثل هذا التغيير ممكن أن يحصل عند مرضى النفوس والعقول حتى لو كانوا من حملة الشهادات العليا.

العلة الكبرى تكمن أيضا في الخجل والوجل الاجتماعيين في كشف خفايا بعض الأقارب والمعارف، وتفضيل السكوت على المكاشفة والصراحة في المواجهة، وهي خصال رائجة ضمن مجتمع صغير يخشى الفضائح حتى لو كان الثمن اخلاقياً!

من الشخصيات التي كثيراً ما استفدت من خبراتها وتميزت ايضا بالصراحة المطلقة، الاخ الكبير والصديق الصدوق الراحل الدكتور احمد بشارة رحمة الله عليه، فقد كان مثالاً في حياته وعلاقاته وجرأته وصلابته في مواجهة تحديات الحياة على مختلف المستويات.

مثلا، واجه المرحوم احمد بشارة (بوفهد)، المعروف بشهامته، طعنة غدر عميقة جداً من شخص اعتبره صديقاً وبمنزلة الأخ، بالرغم مما قدمه (بوفهد) طوال حياته من دعم حتى يصل هذا الفرد إلى مراتب عليا مهنية وأكاديمية ايضا.

أسوق هذا المثل، لأنني وغيري كثر شهود على ما تعرض له المرحوم احمد بشارة لطعنة غائرة، فيما يعيش هذا الغادر اليوم في المجتمع تحت مسميات مختلفة، مدعياً الاصلاح ومكافحة الفساد ودعم جودة التعليم، وهو أول من استباح المبادئ وتكسب مادياً من ظرف شخصي حتى أصبح اليوم من الأثرياء من سرقة مال الغير.

الشخص نفسه لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه، من دون أدنى درجات الحياء ليوجه سهام غدر غائرة لوزير سابق، بالرغم مما قدمه الوزير في تنصيب الملوث بالغدر في منصب رفيع خارج الكويت.

تكرر سيناريو الانقلاب والنكران نفسه مع الأخ الكبير الدكتور حسن الابراهيم، رئيس الجمعية الكويتية لرعاية الطفولة العربية، حين استمات ناكر الأفضال في إقصاء د.حسن من تمثيل الكويت في منظمة اليونيسكو، فيما يستظل مدعي الطهارة والعفة اليوم الشخص نفسه تحت راية جودة التعليم، مواصلاً هدفه في تصدير النعوت وازدراء الآخرين خلف الكواليس، متناسياً تاريخه المتسخ بأفعاله.

ينبغي على جمعيات النفع العام المعنية التثبت من أخلاقيات وماضي جميع أعضاء مجالسها، الذين يواجهون تهم تزوير والتعدي على المال، فمصداقية العمل التطوعي جزء اساسي من حسن سيرة الأعضاء!

«من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر».