كانت معايدة الرئيس ميشال #عون للمسيحيين، تغريدته التي كان من الواضح انها جاءت رداً على رسالة البطريرك بشارة #الراعي لمناسبة عيد الفصح، عندما قال: “ان اول خطوة حقيقية في محاربة #الفساد تكون بتسمية الفاسدين والإشارة اليهم بوضوح، أما تعميم التهمة فيصب في مصلحتهم، لأنه تجهيل للفاسد الحقيقي وتضليل صريح للرأي العام”.

لا ضرورة للتوقف عند ما قد يبدو اتهاماً من عون للراعي بتجهيل الفاسدين وتضليل الرأي العام، ولكأن مثل هذه المسؤوليات السياسية الحيوية والملحّة، هي من مسؤوليات الراعي وبكركي لا من مسؤوليات بعبدا والعهد القوي!

في أي حال، ربما كان على فخامة الرئيس عون ان يتذكر تحديداً حديثه في 27 آب الماضي الى مجلة “باري ماتش” عندما قال وبالحرف ما يشكّل تعميماً شاملاً أي: “أن الطبقة السياسية في لبنان هي التي تحمي الفاسدين لأنها تستفيد من ذلك بطريقة مباشرة”، وفي هذا طبعاً تعميم مزدوج يطاول كل الفاسدين وكل الطبقة السياسية التي تستفيد منهم، وقد جاء هذا الكلام بعد مرور أربعة أعوام على توليه رئاسة الجمهورية، وعدم تسميته واحداً على الأقلّ من الفاسدين والإشارة اليه بوضوح على ما بدا انه يطالب به البطريرك الماروني!

ربما على عون ان يتذكر ايضاً ان حسان دياب اعترف صراحة من بعبدا بأن “الفساد اكبر من الدولة” ولكن من دون ان يسمي احداً، فهل صار مطلوباً من الراعي الذي ينتقد الفساد، ان يشكّل دولة وأجهزة امنية ويعدّ تشكيلات قضائية لمطاردة الفاسدين؟!

وربما على فخامة الرئيس ان يعيد قراءة مقابلته مع المجلة الفرنسية المذكورة، التي قال لها قبل ثمانية اشهر “لست نادماّ كوني رئيساً”، وخصوصاً بعدما قرأنا قبل أيام حديثه مع قناة “الجديد” حيث قال: “يا ريت ورثت بستان جدي وما عملت رئيس جمهورية”، مستفيضاً في الحديث عن المنظومة الفاسدة التي تكبّله وتطوّقه حتى في القضاء، وانها حلقات حلقات، لكن من دون ان يسمي واحداً منها على ما يطالب به البطريرك!

في رسالته لمناسبة عيد الفصح، كان البطريرك الراعي واضحاً في اكثر من موضوع، فعندما طالب بتشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين لا يملك فيها أي فريق ثلثاً معطلاً، مشدداً على ان “حقوق الطوائف تتبخر امام حقوق المواطنين في الأمن والغذاء والعمل”، كان يتحدث بقلب كل المواطنين اللبنانيين المتهالكين بغض النظر عن طائفتهم وحقوق الطوائف!

يدور الحديث دائماً عن “الفساد السياسي” وعن “منظومة الفساد” وعن “السياسيين حماة الفساد”، كما قال عون من دون ان يسمّي احداً لأنهم “حلقات حلقات”، لكن الراعي لم يقصّر فيهم عندما قال: “ما أبعد الجماعة السياسية، ولا سيما منها تلك الحاكمة عندنا، عن ثقافة الرحمة … وكم يؤلمنا ان نرى الجماعة الحاكمة ومَن حولها يتلاعبون بمصير الوطن كياناً وشعباً وأرضاً وكرامة، وان بعضها يتمسك بولائه لغير لبنان، وان بعض الذين يعرقلون قصداً تأليف الحكومة ويشلّون الدولة يزعمون ان المشكلة في الدستور، بينما الحل في الدستور والمشكلة في سوء الأداء السياسي والأخلاقي والوطني”!

والمهم ان يفهم هؤلاء سيدنا، ان كلمة “الجماعة” التي استعملتها في الإشارة اليهم تنطوي على ما يتجاوز بشاعة “المنظومة”، وحتى “العصابة”!