تبدو التطلعات التي تستهدف مدينة الرياض دون سواها، كبيرة وبلا حدود، وتشمل كل القطاعات، وهذا الأمر يتطلب أن تكون جميع البرامج والخطط التي تخص العاصمة مدروسة بعناية وفق رؤية شاملة، تضمن تحقيق الأهداف بأسرع وقت وأقل مجهود، مع الاعتماد على العلم ونتائج الدراسات الميدانية من واقع العاصمة.

وعندما صدر قرار في وقت سابق، بإيقاف التصرف في أجزاء كبيرة من أراضي العاصمة في شمال طريق الملك سلمان، وعندما أعلنت الهيئة الملكية للمدينة أول من أمس رفع هذا الإيقاف، والسماح بالتصرف فيها، فهذا يأتي ضمن آليات تحقيق بنود الاستراتيجية بجميع أهدافها وتطلعاتها.

قرار رفع الإيقاف بقدر ما أسعد الكثيرين من العاملين في القطاع العقاري بفعل الطفرة العقارية المتوقعة في الرياض، فهو أسعد المواطنين الذين يأملون في زيادة المعروض العقاري، وتوفير منتجات السكن والمنتجات التجارية بأسعار معقولة. ولا يمكن الفصل بين أهداف القرار من جانب، وبين حرص الدولة على تحسين التجربة السكنية في مدينة الرياض من جانب آخر، وبخاصة في الأحياء التي تشهد نموًا متسارعًا.

قرار الرفع لم يكن عشوائياً أو ارتجالياً، وإنما هو قرار مدروس بحكمة، ضمن مجموعة قرارات تصب مجتمعة ضمن سلسلة من الإجراءات والدراسات التي تتم في مختلف مناطق المدينة، تمهيدًا لتنفيذ استراتيجية مدينة الرياض، ومثل هذه الإجراءات ستسفر في نهاية الطريق عن تنمية اقتصاد العاصمة، وليس هذا فحسب، وإنما تأهيلها لاستيعاب ضعف عدد السكان الحاليين بحلول 2030. وهذه الجزئية تحقق هدفاً مهماً لطالما تحدثت عنه استراتيجية الرياض، وهو تحقيق نمو مدروس للمدينة، وصولاً إلى أن تكون العاصمة ضمن أفضل 10 مدن في العالم من حيث الاقتصاد والتنافسية وجودة الحياة في 2030.

‎‏‎ لا شك أن أحياء شمال الرياض عانت في فترة سابقة وطويلة من التوسع العشوائي، والارتجالية التي جاءت على حساب سكان هذه المناطق، في عدم تقديم الخدمات الحكومية المثلى لهم، وجاءت الترتيبات الجديدة من الإيقاف ثم الرفع، للحد من التبعات السلبية التي أنتجتها تلك العشوائية على المدى الطويل على البنية التحتية للمنطقة، وما ينتظره السكان الآن أن تعمل الجهات المختصة في الرياض على استكمال إيصال الخدمات، ومتطلبات البنية التحتية للمناطق التي رُفع عنها قرار الإيقاف، كما ستتم مواءمتها مع بقية المشروعات من الناحية العمرانية والخدمية.

بقي التأكيد على أن رفع الإيقاف والسماح بالتصرف في أجزاء كبيرة منها، يعكسان حرص الدولة على حفظ حقوق المواطنين، وضمان استدامة المواقع والتجمعات السكنية في المدينة، وفق ترتيبات تنظيمية واضحة، من شأنها إنعاش قطاع العقار في المنطقة، بما يخدم استراتيجية الرياض، ويحقق كامل الأهداف بأن تكون العاصمة مدينة جاذبة للعيش فيها، على غرار مدن العالم الكبرى ومنها لندن وواشنطن ودبي.