مرت، يوم 14 أبريل الجاري، الذكرى الـ91 على انتحار الشاعر الروسي الكبير فلاديمير ماياكوفسكي (1893-1930)، وظاهرة انتحار الشعراء في عز الشباب، كانت كبيرة وكثيرة في روسيا القديمة.

وانتحر ماياكوفسكي حينما شعر بأنه لم يعد شاعراً ولا عاشقاً، في نفس العمر، قيل الكثير عن انتحاره بما في ذلك اغتياله من المخابرات، الشيء الوحيد المؤكد اليوم أنه هو من وضع الرصاصة في قلبه، رمز الحب والشغف، فقد تركته حبيبته ليلي بريك التي عشقها حد الجنون، ليلي هي أخت إلزا تريولي، وزوجة الشاعر الفرنسي الكبير لويس أراغون.

انسحبت تاتيانا ياكوفليفا التي ملأت حياته بسخاء حبها من مدار حياته، بينما أنجبت إيلي جونس التي تعرف عليها في نيويورك في 1925، ابنته الوحيدة باتريسيا، وأخيراً الممثلة فيرونيكا بولانسكايا التي كانت القشة الأخيرة التي التصق بها قبل انتحاره، لكنها كانت متزوجة من مخرج مسرحي كبير، وعلى الرغم من تعلقها بالشاعر، ظلت ترفض فكرة طلاقها من زوجها، وهذا ما قهره، يوم 14 أبريل كانت الوحيدة في بيته في موسكو.

تذكُرُ فيرونيكا بولانسكايا في مذكراتها التي صادرها أمن ستالين، لأنها تقول حقيقة موت ماياكوفسكي غير حقيقة المؤسسة، لا يمكن لشاعر الثورة الكبير أن ينتحر حبّاً؟

ويوم نشرت المذكرات في ثمانينيات القرن الماضي، مع إصلاحات البيريسترويكا، في مجلتي سبوتنيك والآداب السوفييتية، اكتشف العالم شيئاً آخر، عندما حان وقت ذهابها إلى المسرح، ضمته طويلاً، ثم اعتذرت منه لأن العرض الذي يخرجه زوجها، حان موعده، طلب منها من جديد أن تطلق زوجها، ما دامت تحبه، لكنها رفضت، وأصرّت على الذهاب لتأدية عرضها المسرحي.

فجأة قام من مكانه وأغلق باب الغرفة، ثم وضع المفتاح في جيبه مثل طفل معاند.. «لن تذهبي»!

قالت: حبيبي، أقدّر عواطفك، لكن ذهابي ضروري، أنا أحبّك، لكن أرجوك حرّرني، في الأخير استسلم لتوسلاتها.

ثم قال: خذي المفتاح، اذهبي إذا شئت إلى الجحيم، لكن بمجرد تخطيك العتبة سأنتحر، ثم أخرج مسدسه، وصوبه نحو قلبه.

كررت على مسمعه: حبيبي عندي عرض مسرحي يعني لي الكثير، زوجي هو من يخرجه، ولا أريد أن أخيِّبه، سامحني حبيبي.

ظل صامتاً، عندما فتحت الباب، سمعت طلقاً نارياً جافاً.. رصاصة واحدة في القلب كانت كافية لتحويل عمر من الشعر إلى كومة رماد.

صرختْ: لماذا أيها المجنون فعلتَ بي وبك كل هذا؟

أغلب مؤرخي ماياكوفسكي الرسميين، لم يذكروا شيئاً عن هذه اللحظة التراجيدية، لا يمكن لشاعر البروليتارية، أن ينتحر بهذه السهولة!