اعتز بأن أنشر في الأيام القليلة المقبلة مجموعتي الجديدة من اللوحات التي بعنوان «واحد في كثرة». وربما لن يثير الكتاب ضجة في عالم الفن. لكني أردت أنجاز أمرين: أن أشارك بعض البورتريهات لمهاجرين وكل واحد منهم له قصة مميزة أحاول سردها؛ وأن أضفي طابعاً إنسانياً على الجدل بشأن الهجرة وإصلاحها. ويحدوني أمل أن تمثل هذه الوجوه والقصص التي تذكرنا بأن الهجرة ليست فقط جزءاً من إرثنا. فالأميركيون الجدد يمثلون قوة فحسب للخير الآن بما يملكونه من طاقة ومثالية وحب للبلاد كما كانوا من قبل.

وكتبتُ عن بطل في الجري نجا بأعجوبة من عنف عرقي في شرق أفريقيا. فقد أخبرني هذا البطل قائلاً «أميركا أعطتني كل شيء حلمت به حين كنت طفلاً». وأشارك القراءَ أيضاً قصة رجل جاء من فرنسا وتابع حلمه حتى أصبح جندياً أميركياً وحصل على قلادة الشرف. والقراء قد يتذكرون مواطنيْن مميزيْن فرا من أوروبا بعد الحرب وهما طفلان ليصبح كلاهما فيما بعد وزيراً لخارجية الولايات المتحدة. صحيح أن الخلفيات متباينة، لكن القراء لن يجدوا صعوبة في العثور على رابط مشترك: إنه العرفان بالجميل. وكثيرون من المهاجرين يملأهم الإحساس بالتقدير وهي روح أجاد تلخيصها صديق أميركي كوبي حين قال «إذا كان لي أن أعيش 100 عام، فلن أوفي أبدا ما فعلته هذه البلاد لي».

فالمساعدة والاحترام اللتان يلقاهما الوافدون الجدد من بين الأسباب التي تجعل كثيرين من الناس مازالوا يطمحون لأن يصبحوا أميركيين وينتظرون ذلك. ولذا فكيف تكون هناك بلد أكثر سخاء من أي بلد آخر مع الوافدين الجدد وتكون سياسة الهجرة فيها مصدراً لكثير من الأحقاد وسوء النوايا؟ والإجابة المختصرة هي أن القضية تم استغلالها بطريقة لا تكسب أي من الحزبين من الفضل إلا القليل. ولن يحظى أي عرض مقترح في الهجرة بمصداقية بغير وجود ثقة في أن قوانيننا تُنفذ بشكل متسق وبإيمان سليم. وكتاب «واحد في كثرة» ليس إفادة بمجموعة معينة من السياسات، لأن هذا أتركه للزعماء السياسيين اليوم. لكن الكتاب، إلى جانب مركز جورج دبليو بوش الرئاسي، يضع مبادئ للإصلاح قد تستعيد ثقة الناس في نظام للهجرة يخدم كل من قيمنا واهتماماتنا.
ويتعين البدء بقانون «العمل المؤجل بشأن الوافدين الأطفال». والأميركيون الذين يفضلون سلوك طريق للحصول على الجنسية لمن جاءوا هنا وهم أطفال ممن يعرفون بـ «الحالمين»، لا يدافعون عن الحدود المفتوحة. إنهم يدركون فحسب أن الرجال والنساء الذين نشأوا في الولايات المتحدة، ولم يعرفوا أي مكان آخر كوطن لهم، هم أميركيون في الأساس. وينبغي ألا يعاقبوا عن خيار اتخذه آباؤهم. وهناك فرصة أيضاً للاتفاق بشأن الحدود. ولطالما قلت إنه يمكننا أن نكون أمة ملتزمة بالقانون ومرحبة بالوافدين في الوقت نفسه. نريد حدوداً آمنة وكفؤة، ولتحقيق هذا يتعين توفير كل الموارد الضرورية والقدرة البشرية والحواجز المادية والتكنولوجيا المتقدمة وأن تكون هناك منافذ دخول سلسة العمل وذات كفاية ونظام حيوي للهجرة القانونية.
والإدارة الفاعلة للحدود تبدأ فيما يتجاوز الحدود، لذا يتعين علينا العمل مع جيراننا لمساعدتهم على دعم الحرية والفرص حتى يستطيع مواطنوها أن ينتعشوا في بلدانهم. ولا يمكننا أن نعتمد على إنفاذ القانون نفسه لمنع المشاهد التي لا يتحملها القلب التي تصاحب هجرة الحجم الكبير. ونريد أيضاً نظاماً حديثاً للحصول على حق اللجوء يوفر الدعم الإنساني والقنوات القانونية الملائمة للاجئين لمتابعة قضاياهم بطريقة عصرية. وقواعد اللجوء يجب إصلاحها في الكونجرس لمنع دخول غير المستحقين وحجز وضعية الحالات الحيوية لمستحقيها.
ومن الخيارات التي يتعين على كلا الحزبين دعمها تعزيز الهجرة القانونية التي تركز على التوظيف والمهارات. الولايات المتحدة تصبح أحسن حالاً حين يأتي أصحاب المواهب بأفكارهم وطموحاتهم إلى هنا. ويمكننا أيضاً تحسين برنامجنا للدخول المؤقت بحيث يصبح من السهل شغل الوظائف الموسمية وقصيرة الأجل من العمال الضيوف الذين يدعمون اقتصادنا ويدعمون أسرهم ويعودون إلى بلدانهم.
وبالنسبة لملايين الرجال والنساء الذين بلا وثائق حالياً ويعيشون في الولايات المتحدة، فإن تقديم العفو لهم لن يكون من العدل أساساً بالنسبة لمن جاءوا بشكل قانوني أو مازالوا ينتظرون دورهم كي يصبحوا مواطنين. لكن يجب إخراج المهاجرين الذين بلا وثائق من هذه المنطقة المعتمة عبر عملية تدريجية يحصل من خلالها كل متقدم بطلب على الإقامة القانونية والجنسية. والشروط يتعين أن تتضمن تقديم إثبات لتاريخ العمل ودفع غرامة وضرائب بأثر رجعي وإجادة للغة الانجليزية ومعرفة بالتاريخ الأميركي وبالحقوق والواجبات المدنية وسجلاً جنائياً نظيفاً.
يجب ألا ننسى أبداً أن الرغبة في العيش في الولايات المتحدة تمثل طموحاً قوياً على مستوى العالم كما كان دوماً، وهذا يمثل دعماً لبلادنا وللمبادئ التي نمثلها. فعلى مدار سنوات، مالت جوانحنا دوما نحو العدل والسخاء. وجاءت المكافأة في صورة أجيال من الأميركيين المحبين لوطنهم والممتنين والكادحين في العمل والمعتمدين على أنفسهم ممن جاءوا إلى هنا بخيارهم. وإذا واصلنا هذا الميل في الجدل الحالي، فمن الممكن تحقيق الإصلاح من الحزبين. وسنرى مرة أخرى أن الهجرة في حد ذاتها ليست مشكلة ومصدراً للخلاف لكنها مصدر ثراء عظيم ومميز للولايات المتحدة.