يختلف أغلب الناس في التفريق بين المواقف والمبادئ، فيضطرون إلى التعامل مع الأولى بشكل حاد أو مرتبك، لاعتقادهم بأنها تمثل الثانية.. وعلى الرغم من تقاطعهما، فإن هناك اختلافات جوهرية، سواء في ماهيتها أو طريقة إدارتها.

نستطيع توصيف المبادئ بالقرارات المؤكدة والثابتة، والمواقف بالآنية والمتغيرة. يمكن التنازل والتغافل، أحيانًا، في التعاطي مع المواقف، لأنها رشيقة، ويمكن تفسيرها وتغييرها بتغيير ظروفها المحيطة، أمَّا المبادئ فهي محددة سلفًا، والارتكان لها يكون بمثابة الفرازة لتحديد الفعل أو ردات الفعل، أو التجاهل التام.

التجذر العميق للمبادئ يمكن قراءته من خلال التكرار، وثبات المخرج. أمَّا ليونة المواقف، فتتضح من خلال اختلاف النتائج، للأفعال أو الأقوال نفسها، كلما تباينت السياقات، بما فيها الأمزجة والأمكنة والناس.

أعتقد بأن وضوح المبادئ لدى الشخوص يسهل عليهم عملية اتخاذ المواقف، وكلما كانت القناعات - بنات المبادئ - أكثر، زادت انسيابية التعامل مع المواقف بهدوء، وبشكل محدد، وبنتائج مسيطر عليها تمامًا تقريبًا. والقاعدة تكون عكسية، متى ما اختل أو ضعف أي عنصر منها.

الفكرة الأهم، هي الارتباك في الخلافات، أو حتى الاختلافات أيضًا، وصعوبة التفريق فيها بين المبادئ والمواقف، لدى البعض، وهذا ما يولد الخلط في ردات الفعل، إمَّا من خلال التطرف في إدارة الموقف، أو التهاون في الثبات على المبدأ. وحتى الآخر، قد لا يستوعب هذا التداخل، فيدفع باتجاه الحصول على نتيجة لا تشبه الحالة، أو الكيفية.

تعاقب المواقف ربَّما ينبت قناعة، تشيخ وتصبح مبدأ مع الوقت. وهذا التسلسل قد لا يحدث بالضرورة؛ لأن المبادئ، أو حتى القناعات، قد لا تولد من المواقف، وإنما بعوامل أخرى. ولكن يبقى السؤال: هل مبادئنا محددة؟ الإجابة تختصر الكثير من الكلام، والغضب. والسلام..