أتفق مع ما كتبه المبدع خالد البري في مقالته الأخيرة بهذه الجريدة تحت عنوان: «التحالف المصري - السعودي أهم من أي وقت مضى».
الكتاب بيّن من عنوانه، كما يقال، وفحوى المقال هي سوق الحجج والوقائع التي تأخذ بزمام الأمر إلى ما عنون به المقالة.
خالد دلف إلى نقاشه من مياه البحر الأحمر، التي يتصارع عليها غيلان القوى الدولية والإقليمية، أميركا والغرب وروسيا والصين، دولياً، وإيران وتركيا إقليمياً، لا غرابة، فهذا البحر على مدخله الجنوبي مضيق باب المندب، وعلى مدخله الشمالي مضيق قناة السويس، اللذان هما شريانا الضخّ لقلب التجارة العالمية، والمضائق كنوز ثمينة على متجر الجيوبوليتك.
الكاتب يتحدث عن علاقة البحر الأحمر بالسعودية ومصر، فيقول: «مصر والسعودية من بين هؤلاء جميعاً تملكان الشواطئ الأطول والأكثر استقراراً. جغرافيا لم يغيّرها تعاقب الزمن ولا تغير التاريخ. البلدان على مرأى العين المجردة، أحدهما من الآخر في بعض مواضعه. أهمية البحر الأحمر لهما وجودية، لا توسعية». لكن استقرار البحر الأحمر وازدهاره الحيوي، ليس هو السبب الوحيد لتواشج وتعمّق «الحلف» بين السعودية ومصر، بل ثمة مصالح سياسية واقتصادية وثقافية أخرى متشابكة.
الرياض والقاهرة، مهما حاول البعض التلطيف أو التدليس أو التخدير، هدفان أساسيان للقوى المعادية، من بني جلدتنا، ومن الأجانب؛ لديك تنظيم «الإخوان» الدولي، الناشط في الغرب، ولديك الشبكات الخمينية، ولديك قوى اليسار الفوضوي العالمي، الجامح اليوم والخاطف لـ«الميديا» و«السوشيال ميديا» وشركات الديجيتال العملاقة، كل هذه الأطراف الخبيثة تستهدف بشكل مباشر السعودية ومصر، هذا أوضح من عين الشمس.
يشرح لنا البري لماذا هذا الحلف حيوي، فيقول: «لأنهما معاً، وفقط معاً، قادران على الدفاع عن مصالحهما، وفقط معاً قادران على التفكير في إثراء تلك المصالح، فما بالك ونحن في عالم متقلب، وفترة هي الأخطر على شكل خريطة المنطقة منذ استقرت على حالها قبل قرن. ما بالك والتحالفات العالمية التقليدية لم تعد موثوقة، ولا مفهومة».
وأخيرا: «التحالف المصري السعودي الإماراتي أثبت سابقاً قدرته على تثبيت أقدامه في أشد اللحظات صعوبة، ثم أثبت قدرته على تغيير الموازين في أقرب فرصة سياسية سانحة. لذلك كان خلال العقد الماضي هدفاً دائماً لخصومه، وأعوان خصومه؛ الظاهر منهم يجاهر بعدائه، والمتخفي منهم يحرض عليه مدعياً وطنية الدوافع. وما من دافع وطني أقوى ولا أهم في الفترة الحالية من تماسك هذا التحالف».
هل يعني هذا التحالف انعدام التمايز وتباين المقاربات في بعض الملفات السياسية والاقتصادية، والتطابق التوأمي التام؟ من خطل القول وخبل العقل زعم ذلك، لكن الجوامع أكبر من القواطع، ومن يضيره تماسك هذا الحلف، هم الأعداء الذين يعملون ليل نهار على إلحاق الأذى بالمشروع السعودي والمصري... وقيادة هذه المشروع... نرى ذلك رأي العين ونلمسه لمس اليد.