عادة ما تربط قضية فلسطين بالضمير الإنساني في الخطاب الشعبوي، بالرغم من أن ارتباطها بالوعي الفكري هو السبيل للفصل بين التجارة والدعاية والسياسة والحقوق، حيث إن الشأن الفلسطيني هو أمر جاهز لتوزيع التهم ولخلط الأوراق على حد سواء.

ومع اشتعال القصف والصواريخ بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، تبقى الحقيقة الوحيدة هي أرقام القتلى والمصابين، الذين أصبح قدرهم أن يكونوا حطب معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، أما سياسيو الطرفين فهم في مأمن إلا من خطب الكذب السياسي.

الجغرافيا العربية والشرق أوسطية أشد ترابطا من أي وقت مضى، لذا من الصعب الفصل بين ما يحدث في غزة وما حدث في موقع نطنز، باعتبارها خطوات لتعطيل أو تمرير الاتفاق النووي في فيينا، الذي تبدو الإدارة الأمريكية لاهثة نحو تحقيقه.

بالتالي هنا يصح السؤال حول الصراع الجاري وهل هو بين إسرائيل وفلسطين، أم هي معركة افتعلتها حركة حماس الإخوانية، التي تدين بالولاء للحرس الثوري الإيراني، ويسمي مشعل هنية قاسم سليماني المسؤول عن القتل والتخريب في سورية والعراق ولبنان شهيد القدس.

كما يصح السؤال أيضا حول مكر نتنياهو الذي لم يربح من تحول ٧٠٪ من الأصوات لليمين بتشكيل حكومة بشكل سلس، وتكررت الانتخابات عدة مرات دون فرصة في صنع تحالف حكومي، مع هروبه عبر منصبه الحكومي من مصير أولمرت، فربما معركة قصيرة وقصف بضعة أبراج في غزة يعيدان له وهجه.

بين هذه الاحتمالات تظهر حقيقة كذب إيران وأذرعها خاصة حزب الله، الذي لم يتوان عن نصرة الطاغية بشار الأسد وتكسرت قدماه عن الوصول لفلسطين، أما فيلق القدس في الحرس الثوري فيعمل على تحرير القدس من مأرب وبغداد.

وبين الفوارق بين التجارة والمواقف الصادقة، عبرت السعودية عن موقف حاسم وحازم في نصرة الشعب الفلسطيني، حيث أجرى وزير الخارجية السعودي عدة اتصالات مع نظيره الفلسطيني والأردني، كما دعت المملكة لاجتماع افتراضي طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة التطورات الخطيرة في فلسطين.

تبقى فلسطين عبر الدهر قضية عادلة، وشعبا لديه حقوق مسلوبة، لكنها تبقى بضاعة ناجحة للتجارة، ولهذا ستبقى حركات الإسلام السياسي، وراعيها طهران، تلجأ إليها في كل مرة تضعف شعبيتها، لاستدعاء شرعية مؤقتة.