تحدث ولي العهد في رمضان عن الرؤية ومنجزاتها تزامنا مع مرور خمس سنوات على انطلاقها، وهي منجزات لا يسعها لقاء تلفزيوني من هذا النوع، فيوجد الكثير مما يستحق الذكر. من ذلك، ما أنجز في مجال قياس الأداء الحكومي الذي خصص له مركز مستقل لمتابعة أداء مبادرات الرؤية، ومن أعمال المركز التي تستحق الذكر برنامج نضج قياس أداء الأجهزة الحكومية، ولأن المركز مكلف بمتابعة أداء المبادرات، فالأجهزة الحكومية بحاجة إلى منهجية لقياس الأداء تعتمدها الجهات عند تنفيذ المبادرات ومتابعتها داخليا، ولمتابعتي لبرنامج القياس منذ إطلاقه، أرى أن وجود منهجية القياس في منظومة الدولة إنجاز مهم من إنجازات الرؤية، وبمناسبة مرور خمس سنوات على هذا الإنجاز، لا بد من النظر إلى الأمام لمجالات التطوير المستقبلية.

من المعروف أن أداء الأجهزة الحكومية من حيث المفهوم لا يقتصر على الاستراتيجية والمبادرات، إنما يمتد إلى المجالات الأخرى التي منها العمليات المؤسسية، ومن المعلوم أن أي مؤسسة تقوم على جناحين، جناح العمليات وجناح الاستراتيجية، تنفذ المؤسسة من خلال جناح العمليات مهامها اليومية في كل المجالات المالية والتقنية والتخصصية، وتنفذ مهامها التحولية من المبادرات الاستراتيجية، وبالنظر إلى أعمال المركز في السنوات الماضية، سنجدها قد ركزت على جناح الاستراتجية لأن برنامج الرؤية استراتيجي، إنما أنشأ المركز منهجية قياس الأداء لرفع قدرة الجهات على تنفيذ المبادرات الاستراتيجية وقياس أدائها داخليا، وهو الذي ينتمي لشق العمليات، ولأن المركز نجح في فترة وجيزة، فمن الضروري عدم الارتكان لما أنجز حتى الآن، بالبحث عن مجالات جديدة ضمن نطاق المركز.

يشيع اليوم عند الأجهزة الحكومية وغيرها تبني استراتيجيات قطاعية، فإضافة لوجود استراتيجية عامة، توجد استراتيجية لتقنية المعلومات، واستراتيجية أخرى للموارد البشرية، وهكذا دواليك. ودون النظر لصحة هذا المنهج، توجد تحديات كثيرة تواجه الجهات في المواءمة بين استراتيجياتها، وبما إن الأجهزة الحكومية قد طبقت منهجية المركز في قياس الأداء، فإن الأجهزة بحاجة إلى ما يساعدها في تصميم الاستراتيجيات، فإذا كانت المؤسسة تقيس أداءها بكفاءة، فإنها بحاجة إلى ما تستعين به في بناء الاستراتيجية بكفاءة أيضا، فإن أهمية كفاءة القياس نابعة أصلا من أهمية الإصلاح الذي يأتي بعده.

مما تعلمناه في السنوات الخمس الماضية أن أبواب الإبداع مشرعة للجميع، وما تحتاجه من الزاد في طريق الإبداع هو عزيمة صادقة وطموح كبير، وقد قامت أجهزة كثيرة بحمل الطموح الذي يعانق السماء بمبادرات تطوير في مجالات العمل المؤسسي باعتماد مقاييس عالمية لرفع مستوى أدائها، من هذه المؤسسات، هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي نالت مؤخرا شهادة في نضج إدارة المشروعات من إحدى الجهات العالمية المعتمدة، ولأن الاهتمام بقياس أداء الأجهزة اهتمام عالمي، فإن المعول في السنوات المقبلة أن يقودنا المركز إلى أفق جديد تنافس فيه أجهزتنا على المضمار العالمي.