مهم استشعار كل شيء من نعم وخير ووفرة حتى بأبسط الأشياء كفنجان قهوة أو زيارة أخت أو مقابلة صديق، إدراك هذه اللحظات يوسع الشعور بالبهجة ويعتاد القلب والروح على الفرح والشكر..

هل شعرت يوماً بمشاعر جميلة جدا لا تعرف مصدرها؟

شعور مريح كالنهر البارد يسري بداخلك، تشعر بالخفة والحب والسلام العميق دون سبب واضح، هنا بالذات أمسك هذه اللحظة ولا تجعلها تمر مرور الكرام، أو تحاول تأجيل هذا الشعور لأنه لا يؤجل بل سيذهب دون الاستفادة منه.

البعض تأتي له هذه المشاعر الطيبة وبزحمة الحياة والانشغال يتم تأجيلها، أو يعيش فيها فقط للحظات لا يعطي لنفسه المساحة الكافية للاستمتاع بذلك، وكأنه اعتاد على نمط معين في الحياة، بل البعض يعتبر هذه المشاعر من الترف! والعجيب عندما يضيق على الإنسان ظرف فإنه يبحث عن هذه المشاعر لكي تواسيه، هنا كيف يستحضر تلك المشاعر وهو في الأساس مهمل لها حينما كانت تأتي.

ربما وضعنا شروطا معينة لكي نستشعر هذه المشاعر الطبيعية، ربما بعد إنجاز أو عمل نشعر بتلك المشاعر لكنها وقتية، عكس إذا تعودنا على المشاعر الطيبة المشروطة كحالة الرضا والتسليم لله عز وجل هذه كفيلة أن تزورنا دائما ومن دون سبب، هذا ما يجعلنا نتساءل أحيانا كيف لإنسان بسيط يشعر بمشاعر طيبة وآخر لديه كل شيء لكنه لا يشعر بها.

جميل أن نتعرف على هذه المشاعر الجميلة سواء كانت تلقائية تأتي هكذا كالشعور بالرضا، أو شعور يأتي بعد إنجاز المهم إعطاء المساحة الكافية ولا نجعلها تمر دون استشعارها بعمق.

هذه اللحظة الروحية العميقة يزودنا الله بها ويجب علينا الشكر والامتنان، هي نافذة تفتح بداخلنا شعور الطمأنينة والسلام كلما انتبهنا لهذا الشعور زادت مساحته بداخلنا وخف التوتر والتشتت.

أحيانا هذا الشعور يأتي فجأة دون سبب، وأحيانا بعد صلاة خاشعة أو قراة القران أو صدقة لمحتاج، هناك من لا يستطيع استشعار هذه المشاعر بسبب زحمة الأفكار وبسبب التفكير الدائم مما يجعله مغيبا عن هذا الشعور الجميل وتصبح حياته كآلة تعمل وتشتغل دون هذه المشاعر الطيبة، هذا يذكرني كم اجتمعنا مع أبنائنا ونحن على عجل وتفكيرنا بشيء آخر فلا استمتعنا معهم ولا أعطيناهم هذا الحب ومشاركة هذا الشعور، أيضا هناك من يصل إلى تحقيق هدفه بعد الجهد والإرهاق دون أن يستمتع بالطريق المؤدي لهذا الهدف وعندما يصل يتفاجأ بشعور أنه عادي أو شعور وقتي وانتهى، لذا مهم استشعار كل شيء من نعم وخير ووفرة حتى بأبسط الأشياء كفنجان قهوة أو زيارة أخت أو مقابلة صديق، إدراك هذه اللحظات يوسع الشعور بالبهجة ويعتاد القلب والروح على الفرح والشكر.

ما يغيب شعورنا في هذه اللحظات هو تفكيرنا المستمر في الماضي أو تفكيرنا في بكرة أي المستقبل ولا نفرق بين الاستفادة من تجربة الماضي أو التخطيط للمستقبل بوعي دون أن نهمل لحظاتنا الجميلة.

من سنن الله عز وجل الحركة والتغير فلا شيء ثابت حتى شعورنا ومشاعرنا لذا عند حدوث الأشياء الجميلة أو قدومنا على أي شيء جميل يجب أن نشاهد الجمال فيه حتى نعتاد على رؤية الجمال في كل شيء وتقبل حتى المشاعر غير الجيدة ومعرفة التعامل معها بوعي واحترامها وعدم الهروب منها لكي نتخلص منها بهدوء وسلام.

كل ذلك يجعلنا ندرك كيف نستقبل مشاعر السلام ونكتسب مهارة الشعور الطيب والجيد فتصبح عادة جميلة تجعلنا نركز على ماذا نريد وليس العكس.