هنالك أعداد كبيرة من السعوديين، فتيات وشبان، أكملوا دراستهم الأكاديمية، سواء في جامعات محلية أو خارجية، وعدد منهم واصل الدراسات العليا وحاز شهادات الماجستير والدكتوراه من جامعات دولية مرموقة.

هذا العدد الكبير من الجيل الجديد، متعطش للانخراط في سوق العمل. بعضهم تمكنوا من الحصول على وظائف مباشرة بعد الانتهاء من الجامعة، كونهم يدرسون ضمن برامج منحٍ أكاديمية من شركات أو وزارات، تضمن لهم التوظيف مباشرة بعد التخرج. والبعض الآخر أصبح جزءا من أعمال تجارية ضمن شركات عائلية.

هنالك المحبون للمغامرة، ممن لديهم الشجاعة والقدرة على التخطيط وبناء المشروعات الجديدة، وهؤلاء رغم أنهم أقل عدداً، عملوا على تصميم أفكار طموحة، وسعوا إلى تطبيقها عبر شراكات مع أصدقاء أو أفراد من العائلة، أو الحصول على تمويل ودعم من أفراد يملكون سيولة نقدية، أو هم بالأساس من أُسر لديها ملاءة مالية تمكن أفرادها من القيام بمشروعات صغيرة ومتوسطة، دون أن تؤثر عليهم الخسارة كثيراً!

قطاع آخر من الخريجين، لا ينتمون لهذه الدوائر، فضلاً عن أن شريحة منهم درست في تخصصات لم تلحظ مدى أهميتها في سوق العمل بعد التخرج، أو أنها كانت حينها ذات طلب مرتفع والآن تراجعت الحاجة لها، مع تبدلات العرضِ والطلب. كما أن شريحة أخرى لا تتقن الولوج إلى السوق بطريقة مهنية، أو لا تمتلك مفاتيح فهم كيفية عمل الشركات، أو تعاني من صعوبة في تقديم ذاتها وإثبات كفاءتها.

كل هذه المعطيات، تجعل من الضروري أن يتم العمل على تذليل العقبات أمام هؤلاء الشباب، سواء عبر برامج تدريبية تنمي مهاراتهم؛ وأيضاً تنظيم عملية التوظيف من خلال ترسيخ مبدأ "تكافؤ الفرص" بين جميع الخريجين، وأن يكون المعيار الرئيس في الاختيار هو: الكفاءة والمهارات والقدرة على الأداء المتميز، وهذا ما تسعى لتحقيقه رؤية المملكة 2030، من خلال الدفع بالشباب السعودي إلى المستقبل متسلحين بالعلم والمهارة والثقة بالنفس، بالشراكة مع جهات في القطاعين العام والخاص، وهو الأمر الذي سيمنح الشباب دفعة معنوية وعملية، تجعلهم قادرين على التقدم والحصول على ميزات وظيفية مالية وإدارية.

السعودية تشهد تغيراً عميقاً في الاقتصاد، وهنالك مشروعات عديدة، سواء الحكومية منها أو الخاصة، دون أن ننسى الشركات التي يمتلكها "صندوق الاستثمارات العامة"، وهذه المشروعات رأسمالها البشري هم الشباب السعودي، لأنهم كما أكد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة أنهم مصدر اعتزازه وفخره، وهم أساسُ قوة الوطن ورأسماله الحقيقي.

هذا الشباب الطموح يجب أن لا يُصاب بالإحباط نتيجة البيروقراطية أو الخلل الإداري، في بعض الجهات، وبالتالي من الأمور التي تكتسب أولوية أن يتم صياغة منظومة توظيف وطنية وفق قوانين حديثة، تكرس العدالة في الفرص، والمساواة بين الجنسين؛ وهذه الخطوات بدأت بالفعل مع "الرؤية" والضخ بكفاءات جديدة في السوق؛ كما أن هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" تتابع بالرصد والتحقيق من يستخدمون نفوذهم الوظيفي لتحقيق مصالح ذاتية، وهي خطوات ستعمل على خلق بيئة عمل أكثر تطورا ونظامية.