دروب الحياة متشعبة، جميعنا نسير فيها وكلنا يجتهد لتحقيق أهدافه، ونعمل بكل ما أوتينا من قوة لتحقيق النجاح.

في الحياة تعودنا أن نتطلع دائماً نحو الأمام، وأن نراقب مستوى قدراتنا على تحقيق ما وضعناه من قوائم وأهداف، بعضنا ينجح وبعضنا يتراجع، ولكن برغم ذلك يظل البحث عن السعادة الروحية يمثل القاسم المشترك بين جموع أبناء الإنسانية.

حيث الجميع يركض في مسارات الحياة بحثاً عن ينابيع هذه السعادة، ونظل باستمرار نردد على أنفسنا ذات الأسئلة، هل نشعر بالسعادة الروحية حقاً؟ أم أن ما يحيطنا هو مجرد قشور «لا تسمن ولا تغني من جوع»؟

في الواقع أن نظرتنا للسعادة تختلف باختلاف نظرتنا إلى الحياة ومتغيراتها، البعض منا يعتقد أن السعادة تكمن بين ثنايا المال، وآخرون يجدونها في تمام الصحة، وهناك من يعتقد بأنها تأتي مع البنون، الذين يشكلون زينة الحياة الدنيا، كما علمنا ربنا تعالى اسمه وتبارك، وهناك من يجدها في السفر والحصول على ملذات الحياة المختلفة أصنافها، وغير ذلك.

ولكن يظل السؤال، إن امتلكنا كل ذلك هل نحقق السعادة الروحية، ونتمكن من تمضية بقية أيامنا في هذه الدنيا سعداء، لا نشكو الهم، ولا تطرق التعاسة أبوابنا؟ قد يبدو ذلك سؤالاً فلسفياً في ظاهره، ولكنه في الواقع يبقى مجرد استفسار نلقيه على مسامعنا، في محاولة للاستماع إلى أصداء الإجابة الحقيقية في أنفسنا.

الحصول على السعادة لا يتطلب السير في دروب وعرة، بقدر ما يحتاج إلى التأمل في النفس، وتحقيق السلام الداخلي، والطمأنينة والسكينة، وكلما كان الإيمان قوياً في أنفسنا، نجحنا في استعادة توازننا وطاقتنا البشرية، فأعظم سعادة يمكننا تحقيقها، تتمثل في سعادة الروح التي نفخها الله فينا، وكفل لها حرية الإرادة، فهي تستمد راحتها وسعادتها من قوة الإيمان بالله عز وجل.