يروي مؤلف كتاب (قائد الـ360 درجة) القصة التالية التي حدثت للرئيس الأميركي ريجان، وتعلم منها أهمية اتخاذ القرار في الوقت المناسب: عندما كان شابا ذهب مع عمته لتفصيل زوج من الأحذية، سأله صانع الأحذية، كيف تريد مقدمة الحذاء، مستديرة أم مربعة؟، لكن ريجان لم يتخذ القرار، قال له صانع الأحذية: تعال بعد يوم أو يومين وأخبرني بما قررت، لكن ريجان لم يعد، شاهده الرجل صدفة بالشارع وسأله مرة أخرى عن قراره، فقال ريجان، لم أقرر بعد، قال صانع الأحذية: سيكون الحذاء جاهزا غدا، عندما ذهب ريجان لاستلام الحذاء اكتشف أن أحدهما كان بمقدمة مستديرة والآخر كان بمقدمة مربعة، ريجان علق على الموقف: علمتني درسا، إذا لم تتخذ قراراتك بنفسك فسوف يتخذها لك شخص آخر، (هل كان ريجان ممن يؤخرون القرارات عندما وصل إلى البيت الأبيض؟).

تلك قصة بسيطة ترمز إلى أهمية توقيت القرار، كما أنها تفتح المجال لنقاش حول الفرق بين صناعة القرار واتخاذ القرار، مؤلف الكتاب الذي أشرنا إليه (جون سي ماكسويل)

يعلق على قصة ريجان بالقول: (إنه ليس كل صانعي القرارات الجيدين قادة، لكن كل القادة الجيدين صانعو قرارات)، هذه المقولة صحيحة إلى حد ما، مع الأخذ في الاعتبار أن صناعة القرار هي مطبخ القرار حيث المعلومات والبيانات والاحتمالات والحيثيات والاختيارات والنتائج المتوقعة. هذه الصناعة هي عمل المساعدين والمستشارين، لكن مسؤولية اتخاذ القرار هي في النهاية مسؤولية القائد. في مستويات المنظمة المختلفة لا بد من المهارات القيادية في المدير ورئيس القسم وفي كل موظف مهما كانت طبيعة عمله أو مسمى وظيفته أو تصنيفها، كل المستويات الوظيفية تتم فيها صناعة واتخاذ قرارات قد تكون بسيطة ولكن تأخيرها قد يؤثر على اتخاذ قرارات قيادية عليا.

في عصر التقنية ربما تكون العمليات الإدارية لا تشكل ضغوطا على المدير مقارنة بزمن مضى، لكن المدير في أي موقع مطلوب منه أن يقوم بدور قيادي، القيادة هي التي تحدث الفرق على مستوى المنظمة وعلى مستوى الفروع والإدارات والأقسام، إذا كانت طبخة القرار جاهزة فالأفضل عدم تأخيرها لأن التأخير سيجعل الطبخة باردة وغير مقبولة أو يطبخ القرار في مطبخ آخر.

من المهم هنا الإشارة أن القرار الجيد ليس بالضرورة هو القرار الذي لا يتأخر، الظروف المحيطة بالقرار هي التي تحدد متى يصدر القرار، ومتى يؤجل للوقت المناسب، بعض القرارات أيضا تعتمد على حدس القائد وليس على توفر المعلومات أو الدراسات وهي في الغالب تلك القرارات التي لا تقبل التأجيل، في قصة الرئيس ريجان مع حذائه لم يكن القرار من القرارات التي لا تقبل الانتظار، هو قرار فردي ليس له تأثير على الآخرين، لم يكن قرارا مفصليا في حياته، لكن ريجان تعلم من تلك القصة درسا ونظر إليها أهل الإدارة كمؤشر على نمط الشخصية، وكمثال مبسط لأهمية توقيت القرار.