يواجه العالم لحظة مفصلية في صراعه مع وباء «كورونا»، مع ظهور سلالات جديدة أدت إلى ارتفاع الإصابات والوفيات، علماً أن السلالات أكثر انتشاراً إذا تهيأت لها الأجواء في مكان وزمان مناسبين، إذا وجدت قصوراً فادحاً في النظم الصحية، وثغرات واسعة في الحماية الاجتماعية، ومظاهر تفاوت بنيوية كبرى داخل البلدان وفيما بينها.

فالمتحورات لا يمكن تحميلها لوحدها مسؤولية الزيادة الهائلة في أعداد الإصابات بـ«كوفيد 19» في العالم، المسؤولية تتحمّلها الحكومات والشعوب من خلال التراخي في اتخاذ الاحتياطات اللازمة، كما أن الوتيرة البطيئة للتلقيح تطيل أمد الوباء، حيث إن اللقاحات هي أفضل وسيلة للخروج من الجائحة تدريجياً.

لا شك أن الجميع سمع وقرأ تسميات مثل المتحوّر البريطاني أو النسخة البريطانية، والنسخة الجنوب أفريقية، والنسخة البرازيلية، وكذلك المتحور أو النسخة الهندية، حيث عُرفت تلك الطفرات بمسميات «ألفا، بيتا، دلتا» حسب المناطق الجغرافية التي ظهرت فيها.

وأدرك الكل أفعالها الملتوية، حيث إنها تتفشّى بهدوء على مدى أشهر عدة من دون أن تثير الكثير من الانتباه ثم تكتسح، حيث تزيد معدلات الإصابة إلى حد كبير، ما قد يزيد من الضغوط على القطاع الصحي، ومما يؤدي في الوقت نفسه إلى المزيد من الوفيات بسبب فقدان القدرة على السيطرة على الوضع. كما أن غياب التنبؤ المبكر وغياب الرقابة وعدم التزام المواطنين سمح بتفاقم الوضعية الوبائية.

وغني عن القول، إن أفضل طريقة للحد من انتقال فيروس «كوفيد 19» هي أخذ اللقاح عندما يتوفر ومواصلة اتباع النصائح الحالية للحد من انتشار الفيروس، بما في ذلك التباعد، وقد يكون من الضروري إجراء بعض التغييرات على اللقاحات مثل استخدام جرعات تعزيز إضافية أو غير ذلك لضمان الحماية من الطفرات المقبلة، ومن المؤكد أن الحكومات تقع على عاتقها مسؤولية حماية مواطنيها، وما يجب أن نعرفه أنه كلما تأخرت دول العالم في عملية التلقيح، فإن هذا سيخلق سلالات جديدة أكثر فتكاً ستنتشر في الدول العظمى.