كانت أحزاب جماعة «الإخوان المسلمين» تزعم دوماً، أنها لم تتح لها الفرصة للحكم حتى تنفذ برامجها، لكنها تولت الحكومة في المغرب عشر سنوات إلا أنها لم تحقق إنجازات للمواطن المغربي الذي خدعته الشعارات الدينية ليس إلا، فحاسبها شر حساب بأن أرجعها إلى الدرك الأسفل في قائمة الانتخابات، بعد أن كانت الأولى.

ولعل تجارب جماعة «الإخوان» في الحكم في الأقطار العربية كانت فاشلة بامتياز، حيث سبق للأردن في عهد الملك حسين، أن أشركهم في إحدى الحكومات لكن وزراءهم فشلوا في تحقيق أي إنجاز. كما أنهم ما زالوا يتشبثون بتلابيب السلطة في شرق ليبيا ليأخذوا حصة في الحكم المستقبلي، لكن صناديق الاقتراع قد تسقطهم.

وفي مصر، انضموا للثورة الشعبية متأخرين بعد أن أوشكت على النصر، وتمكنوا من الوصول إلى الحكم بدعم خارجي غربي، وانشغلوا بسياسة التمكين للتغلغل في أجهزة الدولة والسيطرة عليها، ما أدى إلى تصاعد التذمر الشعبي من سياساتهم، فتحرك الجيش المصري لمواكبة التحرك الشعبي، وفي النهاية سقطوا بعد أن حاولوا تسريب الآلاف من أنصارهم إلى مواقع مفصلية في الحكم.

وتثبت التجربة أن أحزاب «الإخوان» ماهرة في الهدم وليس البناء، والدليل أنها تحكم من دون أن تقدم لمن تحكمهم أية خدمات حياتية سوى الانتصارات الوهمية والفساد. وفي تونس تمكنوا من السيطرة على مقاليد الحكم مباشرة، أو بشراكة أحزاب موالية، ولم ينفّذوا أية برامج تنموية، بل انهمكوا في خدمة أنصارهم وتوظيفهم في مؤسسات الدولة، من دون حاجة إليهم في العمل الرسمي، وتسللوا إلى مفاصل الحكم والأمن والقضاء، ومارسوا العنف ضد من عارضهم منذ البدء بالاغتيال والتهديد.

وكان تحرك الرئيس التونسي، قيس سعيّد، مدفوعاً برغبة شعبية للتغيير ومحاسبة سارقي أموال الشعب بعد أن وصل الاقتصاد التونسي إلى الحضيض لأول مرة في تاريخه. أما في المغرب، فقد أمسكوا بالحكم سنوات طويلة، وتركوا خلفهم أزمات اقتصادية واجتماعية قد يعجز الحزب الفائز، وهو «حزب تجمع الأحرار الوطني»، عن حلها خلال فترة وجيزة، فهو حزب أثبت جدارة في إدارة بعض الوزارات التي تولاها في الحكومة السابقة، حيث تولى وزارات مثل الزراعة 2007، والاقتصاد والمالية والصناعة والسياحة، وقد دخل «حزب التجمع الوطني للأحرار» الانتخابات رافعاً شعار «تستاهل ما أحسن»، في إشارة إلى الأداء الحالي لحزب العدالة والتنمية.

وجذب الحزب رجال الأعمال والمستثمرين، والذين قد يرون فيه مظلة مفيدة لأعمالهم وقناة فعالة للتواصل مع السلطات. وقد ركّز في الانتخابات الأخيرة على التواصل مع الشرائح الشعبية، واستمع إلى همومها لخلق قاعدة شعبية له ونجح في ذلك.

ويزيد من تعقيد مهمة «الأحرار» في رئاسة الحكمة، بحسب مراقبين، حجم الوعود الانتخابية التي أطلقها الحزب خلال حملته الانتخابية، والتي ربما تجعل من المرهق، أو من المتعذر على أي حكومة في ظل الوضعية الحالية الوفاء بها على الصعد الاجتماعية والصحية لمصلحة الطبقات المهمشة.

آفة الأحزاب الدينية أنها تظن أن حكمها عادل طالما رفعت شعارات دينية لكنها تركز على مصالحها الحزبية أولاً، وتخدم أنصارها فقط، وإن شاركت غيرها في الحكم ابتعدت عن الشراكة على أرض الواقع، لأنها تغرف مبادئها من فقهائها بعيداً عن روح الدين الإسلامي. وهذا سبب سقوطها السريع لأنها جماعة بلا تاريخ في البناء والتسامح.