العملاق العقاري الصيني «إيفر غراند» يترنح بديون تتجاوز 300 مليار دولار قابلة للزيادة، وسحب القطاع العقاري الصيني إلى هاوية لا يعرف أين ستذهب به، في قطاع أصوله العقارية «للبنوك» 50 تريليون دولار أمريكي، وعليها مستحقات سداد سندات متتابعة خلال الفترة القصيرة المقبلة، وهي التزام يجب عليه الوفاء بها. وحين نعود بالذاكرة إلى 2008 وسبتمبر منه كهذا الشهر حين أعلنت ليمان برذر الأمريكية إفلاسها بسبب أزمة الرهن العقاري، وما تبعها من آثار اقتصادية ليست فقط على ليمان برذر، السؤال السائد هنا هل الإفلاس بين الشركتين - إن تم رسمياً لـ إيفر غراند - سيحدث أزمة مالية عالمية على نسق 2008؟ بتقديري الشخصي هذا لن يحدث وفق معطيات اليوم، فالصين ليست أمريكا اقتصادياً كوزن وتأثير، رغم أن الصين تسير بطريق متسارع بنموها الاقتصادي وتحولها، وقد تصبح الاقتصاد الأول في العالم في يوم ما «بعد سنوات وسنوات إن قدر لها»، فالولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، صناعياً، واستهلاكياً، ومركز للتجارة الدولية وبنوكها الكبرى، والأهم هنا الدولار الذي ربط التجارة الدولية بها، بما يتجاوز 80 % من حجم التجارة الدولية قائم على الدولار، وليس كالعملة الصينية «الرممبي» الذي لا يعتبر عملة دولة قابلة للتداول والتجارة الدولية إلا على نطاق ضيق جداً وبمحيطها.

فارق التأثير الدولي والعملة هو لصالح الولايات المتحدة، ولا يعني أنها متعافية اقتصادياً بل تعاني - ومازالت - الولايات المتحدة، وسعر الفائدة المتدني الذي مازال يؤشر إلى ذلك، ولكن القوة تأتي من عاملين أساسيين؛ سوق استهلاكي وعملة دولة، وسوق جاذبة للاستثمار الدولي من خلال بورصاتها، وأدوات الدين لديها، فحتى الصين نفسها تشتري السندات الأمريكية بما يتجاوز تريليون دولار، ناهيك عن أنها أكبر سوق للاقتصاد الصيني، العالم يتأثر بتأثر أمريكا اقتصادياً بسعر الفائدة والدولار، ونحن نشاهد الذهب كمثال لم يتأثر بالارتفاع المحموم مع الأزمة الصينية، وهذا يدلل الأثر الأقل لها، وأيضاً الدور الحكومي الصيني الذي أصبح يقلم أظفار الدين والتوسع به وتحجيم الشركات الكبرى من الدخول إلى السوق الأمريكي «وول ستريت» مثل ما فعلت بشركة «تنسنت» ورئيسها بوني ما، الذي فقد 14 مليار دولار، وفرض غرامات على شركات مثل علي بابا 2،75 مليار دولار بتهم الاحتكار. الصين تعمل على تحجيم وتقليم أظفار قوة الشركات حتى لا تتوسع في الديون، والتي قد تأتي بآثار سلبية على الاقتصاد الصيني مستقبلاً.