ربما «العرب قادمون» إلى أوروبا، يتوغلون وينتشرون ويدخلون البرلمان فى إحدى أهم دول القارة العجوز، حيث أظهرت نتائج الانتخابات الألمانية تغيرًا كبيرًا فى خريطة الشارع السياسى الألمانى، بعد أن نجح مرشحون من المهاجرين العرب فى حصد ٩ مقاعد برلمانية بفارق مريح، وهم ٣ من أصول عراقية، و٢ من المهاجرين السوريين، واثنان من أصول مغربية ويمنية، فيما حافظ ٢ من أصول مصرية على مقعديهما.. ليصبحوا قوة لا يستهان بها فى البرلمان الألمانى، الذى حقق فيه الحزب الاشتراكى الديمقراطى فوزًا بفارق ضئيل على المحافظين.

«العرب قادمون»، ورئيس الاستخبارات الألمانية الأسبق، الذى دأب على التحذير ممن لهم أصول وجنسيات عربية أو مهاجرين غير شرعيين، لم يستطع النجاح فى الاستحقاق الانتخابى.

لا شك أن السياسة التى سوف تحدثها نتائج الانتخابات فى ألمانيا ستجعل الحكومة المقبلة هناك تعتمد سياسات تجنيس وهجرة أكثر مرونة، وستحاول إعادة النظر فى نهج المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها، أنجيلا ميركل، المتحفظ سياسيًّا تجاه العرب.

نتائج الانتخابات فى ألمانيا تجعلنا نغير بعضًا من وجهة النظر التى تكونت عن السياسة العالمية بشكل عام، حيث كان للشباب دور كبير فى نتائج الانتخابات الألمانية وقبلها الانتخابات الأمريكية، وهى ما أوضحت بشكل كامل حجم التغيير فى الكتل الانتخابية دوليًّا، وهو الفارق الذى حدث نتيجة إقبال الشباب المتزايد على الانخراط سياسيًّا؛ لذلك يجب أن نعى عدم جدوى التمسك بفرضية أن الشباب ينفرون من السياسة، لأن العكس هو الصحيح، وهذا الأمر- ولا شك- يتطلب من الحكومات فتح قنوات حوار مع الجيل السياسى الجديد ذى التأثير القوى فى الحياة السياسية.

الأمر الثانى أن أى «لوبى» يستطيع أن يحقق مكاسبه بشرط التوحد، ومجموعات العرب الموجودة فى كل بلاد الدنيا، خصوصًا المهاجرين الشرعيين منهم، يستطيعون أن يغيروا فى نتائج انتخابات أهم دول العالم، وبالتالى يستطيعون التأثير فى مراكز القرارات العالمية.

أما الأمر الأخير فهو أن العالم بالفعل يموج بالمتغيرات السياسية، وأنه لا شىء ساكن فى السياسة، فـ«العرب قادمون»، وقد يتغير الأمر فى المستقبل ويحدث تراجع أو قدوم أكثر قوة. المهم هو أن السياسة فى كل العالم تمر بسلسلة من المتغيرات الكبيرة. ما نحتاجه هنا هو فتح قنوات اتصال مع هؤلاء العرب الذين يحصدون المقاعد والمكاسب السياسية فى دول العالم، وذلك للتأثير فى القرارات المهمة الخاصة بالقضية الفلسطينية وأزمة سد النهضة.. وغيرهما من القضايا ذات الحساسيات الكبيرة.