مسلسل سكويد غيم الكوري الجنوبي، حقق نجاحا مدويا خلال الفترة ما بين شهري سبتمبر وأكتوبر من العام الحـــالي، وأصبح الأكثر شهرة حول العالم، رغم أنه لم يكمل الشهرين منذ إطلاقه على منصة نتفليكس، والمسلسل أنفق عليه نحو 21 مليون دولار، وتجاوزت أرباحه المليار دولار، وقد تمت مشاهدته في 94 دولة، وترجم ودبلج إلى 71 لغة، وجاءت تسمية هذه الدراما من لعبة شعبية في كوريا الجنوبية، مع الاختلاف بينهما في التفاصيل والحبكة الدرامية، والملفت أن 90 % من مشاهديها كانوا من خارج كوريا، وممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و34 عاماً، وهؤلاء يفضلون خدمات البث الرقمي في المشاهدة، وهم الأنشط على منصات التواصل الاجتماعي.

الأعمال الكورية الجنوبية حصلت على جوائز مهمة في السنة الماضية، فقد حصل فيلم بارازيت على جائزة الأوسكار للأفلام غير الناطقــــــة بالإنجليـــــزية، وحقق فيلم ميناري جائزة غولدن غلوب كأفضل فيلم أجنبي، بالإضافة إلى تميز فرقــة بي تي إس صاحبة الشهرة الواسعة، والتي حضرت إلى المملكة في فترة سابقة، وتفوق مسلسل لعبة الحبار، وفق ترجمته العربية، يعود إلى جملة من الإسقاطات التي تعرضت لمعاناة المهمشين والصراع من أجل البقاء والرغبة في تحقيق الثروة بأسهل الطرق، وهذا النوع من التوليفات يحتاج لمعالجات حذرة، وليس مثلما حدث في المسلسل، فقد كان هناك استسهال للقتل المجاني وكأنه أمر عادي، وكذلك تحريض على الأنانية والسلوكيات المتهورة.

الأصعب هو قدرة المسلسل المذهلة في التسلل إلى كل مكان، فأستـــراليا تفكر في تحويله إلى مسابقة حقيقية، وشعبيته جارفة في الصين الشيوعية الموالية لكوريا الشمالية، وإندونيسيا استلهمت طريقته في اختبــــارات التـــــوظيف لديها، والمشـــاركون في انتخابات كوريا الرئاسية لعام 2022، يستخدمونه في الدعاية الانتخابية، وحتى كتاب السياسة في الصحافة الغربية معجبون به على المستوى الشخصي، لأنه يعزز قيم العولمة والتجارة الحرة.

في المقابل نجد أن أميركا وبريطانيا والسويد وبلجيكا وبعض الدول العربية، تحذر من مخاطر المسلسل النفسية والسلوكية على الأطفال، وتعتبر أنه ينطوي على سادية ممنهجة وعنف غير معقول، ولدرجة أن المؤسسات التعليمية حول العالم تفكر في اتخاذ إجراءات ضده، والآراء تتفاوت، ومن بينها ما قاله روائي الرعب الأشهر الأميركي ستيفن كينغ، من أن العدوانية والتهـديد المبـــالغ فيه يسهم في تحقيق التوازن النفسي، وبأسلوب مشابه لألعاب الرولركوستر.

نحتاج إلى وصفة درامية متوازنة بمواصفات كورية جنوبية، فما الذي يمنع الدراما السعودية من صناعة عمل عالمي يستثمر في الألعاب الشعبية المحلية، فالمملكة لديها كـــــل الأدوات الإعــــلامية والإعـلانية اللازمة، ومن دون تكرار لتجربة مامجي المستوحاة من لعبة بابجي، والتي عرضت علـــــى إم بي سي في إبريل 2020، وتعـــــــاد على منصة شـــــاهد في الوقت الحالي، والأفضل أن تعمل شاهد على التوءمة مع نتفليكس في عرض أعمالها القادمة.