العالم حاليا يعيش حالة من عدم الوضوح في الاتجاهات الاقتصادية المقبلة، ولا سيما مع ظهور المتحور الجديد "أوميكرون"، حيث إن الأسواق المالية العالمية استجابت لتلك الحالة وبشكل سريع، كما أن قطاعي الطيران والسياحة كانا أول المتأثرين، ولعل السبيل الأكثر فعالية في أوقات ذروة الانتشار للفيروس التاجي بمختلف التحولات في عامي 2020 و2021 كان الحد من التواصل بين الناس عن طريق الحظر الجزئي أو إغلاقات الاقتصادات بشكل شمولي مع تلقي التطعيمات.
الوضع الحالي - منظمة الصحة العالمية حتى كتابة المقالة اليوم - لا تزال تشير إلى أن الوضع مقلق دون أن تؤكد مدى شدة الانتشار أو مخاطره على البشر أو ضعف فعالية اللقاحات الحالية، لذا وفي ظل هذا الحالة يمكننا وضع السيناريوهات في التعاطي الدولي مع الوضع الحالي والمستقبلي وبناء على تلك الاتجاهات سنرى حالة الأسواق المالية.
السيناريو الأول والأكثر تشاؤما أن نرى المتحور الجديد "أوميكرون" ينتشر بوتيرة سريعة، ولا سيما في منطقة إعلان الاكتشاف للمتحور الجديد، أي في جنوب إفريقيا والدول المجاورة لها، وبذلك سنرى إفريقيا منطقة الانتشار الأولى لهذا النوع، وفي الوقت نفسه قد يتطور انتشاره في العالم بشكل واسع سواء بسبب ضعف الإجراءات أو تراخي بعض الدول في اتخاذ الإجراءات الاحترازية، ولا سيما أننا لا نعلم إذا ما كان الإعلان من جنوب إفريقيا كان مبكرا أو لا.
إذا كان ظهور الفيروس في الصين وبقدراتها العالية أحدث كل تلك المشكلات الاقتصادية عام 2020؛ فإن إفريقيا الضعيفة اقتصاديا ستشكل عبئا كبيرا على العالم، وستؤدي قدراتها الضعيفة إلى انتشاره في العالم، وسيعود العالم إلى الاغلاق مرة أخرى بشكل أسرع، وسنرى تراجعات كبيرة في الاقتصادات المختلفة وبالإجراءات نفسها في 2020. ورغم هذا السيناريو المخيف إلا أننا لا نزال ننتظر مزيدا من المعلومات من منظمة الصحة عن خطورته وسرعة انتشاره ومدى فعالية التطعيمات الحالية لمواجهته، وبناء على التصور السابق فإن معدل النمو الاقتصادي والأسواق المالية ستتراجع لكن ليس بشدة وتبعات آثار 2020 لأن المخاوف ستكون أقل نتيجة لتجربتنا السابقة.
السيناريو الثاني والأقل تشاؤما، أن نرى سياسات الدول مع المتحور الجديد "أوميكرون" مهما كانت شدته تتخذ إجراءات احترازية واحتوائية بصورة منفردة ووفق ما تراه، وسيتم التعامل مع ذلك على أساس أنه متغير اقتصادي مستقل جديد يجب التعايش معه وسيكون الاقتصاد تابعا إقليميا أو حتى محليا منفردا داخل حدود الدولة الواحدة، ويعزى ذلك الى أن العالم لا يزال منقسما على نفسه في درجات تلقي اللقاحات، ومستويات الالتزام بالإجراءات التي تفرضها السلطات الصحية، ولا سيما أن بعض الإجراءات أدت إلى نشوب مظاهرات، وقد تقوض الأمن على حساب الصحة، وكلها عوامل مقلقة لدي أي سياسي. وفي الختام، لا يمكن الجزم بالوضع الاقتصادي العالمي حتى نتأكد من سلوك "أوميكرون".