حتى الآن تتواتر أخبار وسائل الإعلام وتصريحات خبراء الصحة على أن أعراض الإصابة بعدوى أوميكرون المتحور رغم سرعة انتقاله خفيفة وأنه لم تسجل أي حالة وفاة في العالم حتى الآن، هذا يبث بعض الطمأنينة في النفوس المتعبة من ضغوط كوفيد-19 الذي أثقل كاهل العالم طيلة سنتين !

هذا لا يعني أن على العالم الاسترخاء أمام خطر المتحور الجديد السريع العدوى، لكن العالم اليوم أكثر جاهزية وتنبهاً وخبرة في اتخاذ الاحترازات اللازمة، كما أن المجتمعات اكتسبت ثقافة الوقاية، وسيكون العالم أكثر قدرة وصلابة في مواجهة متحورات الفايروس !

لكن العالم متعب ونالت معركة مواجهة كورونا الكثير من طاقته، كما أنه لم يعد يمتلك رفاهية الوقت في تحمل كلفة تعطل مسيرة تنميته وتوقف تعليم أطفاله واستنزاف موارده، وبدأ ثمن هذه الكلفة باهظاً من رصيد حاضره ومستقبله !

القادة السياسيون والخبراء الصحيون الذين يرون في تلقي اللقاحات السلاح الأول لمواجهة الجائحة بمتحوراتها يواجهون معركة أخلاقية وقانونية مع الرافضين لتلقي اللقاحات، وهناك نزاع اليوم بين مفهوم الحرية وحدود الحقوق الشخصية للإنسان خاصة في المجتمعات الغربية التي رسخت مفهوم تحصين الحقوق الفردية، كما أن سياسة الإلزامية غير المباشرة التي بدأت بتقييد حركة وسفر غير المحصنين لم تعد كافية بالنسبة لبعض الحكومات الغربية التي بدأت تلمح إلى خيار الإلزامية المباشرة بتلقي اللقاح !

تاريخياً فرض تلقي اللقاح في حالات كثيرة دون النظر لحق الخيار الشخصي، بل إن القوانين فرضت في الماضي والحاضر على الآباء أن يتلقى أطفالهم سلسلة من التطعيمات الإلزامية ضد الجدري والكوليرا وشلل الأطفال ووباء الكبد، ولن تكون الوقاية من كورونا استثناء ما دام ذلك مرتبطاً بمصلحة البشرية، فالحريات الشخصية تنتهي عند المصلحة العامة للمجتمعات !