تحدثنا في المقال السابق عن ثورة التطبيقات وكيف أنها جنحت نحو الزيادة المفرطة للوصول إلى العميل من قبل المتاجر المعروفة سواء متجر جوجل Google Play أو متجر أبل Apple App Store. ففي عام 2019، شهدت سوق التطبيقات نحو 204 مليارات عملية تثبيت للتطبيقات ولا نرمي إلى القول: إن استخدام التطبيقات لإدارة شؤون الفرد اليومية لفتة غير مجدية، لكن استخدام كثير منها مع الوظائف المختلفة يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية غير مرغوب فيها. فمن المفترض أن تجعل التطبيقات حياتنا أكثر سهولة وذات مهام معينة وبسيطة حيث تساعدنا على أن نكون أكثر كفاءة وإنتاجية في حياتنا اليومية وعليه تحويل التركيز بعيدا عن المهام المعتادة إلى أمور أكثر إلحاحا أو مشاركة. وتبدأ التطبيقات في أن تصبح غير فعالة عندما نحتاج إلى قضاء بعض الوقت يوميا لتحديث أنظمتها أو فهم وظائفها لصعوبة تلك الوظائف وعدم وضوحها.
وكلما ازداد عدد التطبيقات التي نقوم بتثبيتها، ازدادت نقاط الضعف التي نقدمها إلى الهاتف الذكي، وبالتالي تكون النصيحة بحذف التطبيقات التي لا يخطط لاستخدامها أكثر من مرة. وليس الأمر هنا مجرد مسألة ولاء أو مصادفة، فالتطبيقات التي لم يتم تحديثها أو لا تعمل بالشكل الصحيح، ستجعل الهاتف الذكي مفتوحا للعبث أو سرقة البيانات والمعلومات والاستحواذ عليها. ومن المشاهد قيام البعض بتثبيت مزيد من التطبيقات خلال استخدامه الهاتف الذكي، مع أن بعضها قد يفتح عند بدء التشغيل ويعمل في الخلفية، ما قد يستهلك موارد وحدة المعالجة المركزية وملء الذاكرة العشوائية ومن ثم إبطاء عمل الهاتف.
إن ما ذكر أعلاه يمثل زحمة تطبيقات على المستوى الفردي قد تستوجب مهارة يلزم المرء تعلمها وهي التأقلم مع زحمة التطبيقات وتراكمها والتعامل معها وإدارتها الأمر الذي يخشى معه ترسيخ علاقة مستديمة معها. ومع كثرة التطبيقات من متاجر وتسلية ومطاعم وتواصل وتوصيل خدمات وغيرها في هواتفنا الذكية يبرز التساؤل حول حالة الاتزان هل سيكون طبيعيا أم التأقلم والتكيف مع زحمة التطبيقات وتعلم تطبيقات جديدة بين الفينة والأخرى، وصرف الأوقات لتعلمها والتعلم عليها مرورا بمنحنى تعلم قد لا يخلو من المشقة والضنك. من جانب آخر إن المشاهد على مستوى المنظمات المحلية هو غاية بعض الجهات الحكومية أو الخاصة في إصدار تطبيق "أو أكثر" وإلزام العميل في تعلمه حتى ولو كان التطبيق غامض المعالم أو سيئ الإعداد أو مخبوص الوظائف، ما يحتم الحاجة إلى تضمين كم من الإعدادات والتحديث وإجبار العميل في الدخول في متاهة منحنى التعلم.
إن التطبيق يعد وسيلة للوصول إلى العميل والتواصل معه وليس غاية في حد ذاته، تماما مثل بقية القنوات، سواء المواقع الإلكترونية أم الرقم المجاني. ونكاد نجزم أنك قد مررت على إحدى التجارب السيئة لأحد التطبيقات لكن مكره أخاك لا بطل لا يمكن إزالة التطبيق والا فقد الاتصال مع هذه الخدمة الضرورية. أما على مستوى علاقة المنظمات مثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مع المنظمات الأخرى مثل الوزارات والهيئات وشركات الخدمات التي تستوجب مراجعتها لإصدار أو تجديد تصاريح ورخص وغيرهما، نرى وجوب وأهمية ضبط زحمة التطبيقات بما يسهل عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة حتى الكبيرة، ويمكنها من أداء عملها بمرونة وسهولة.
ولعل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" أو برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية "يسر"، تقوم بمهمة حوكمة وإدارة التطبيقات وإبداء التوجيه والنصح والإرشاد إلى الوزارات والهيئات وشركات الخدمات وغيرها لتمكين نجاح واستدامة التطبيق.