تفتقد الحكومة الممتدة في الكويت منذ زمن خطاباً إعلامياً مع الشعب بكل فئاته وشرائحه الاجتماعية، لا سيما الشباب، وهي شريحة مفعمة بالحماس وقادرة على التأثير في المزاج العام والتأثر أيضاً بسهولة، نتيجة تنوع أدوات التواصل الاجتماعي وانتشارها بقوة في المجتمع.

في أزمنة حكومية ماضية، تاه الصوت الحكومي بسبب غياب العمل المؤسسي في مجلس الوزراء مقابل حضور مكثف للأصوات الأخرى، وفي مقدمتها النيابي، بغض النظر عن حجم الموالاة للصوت الرسمي أو المعارض.. تلك الأصوات النيابية والمؤيدة لها هي الأكثر تأثيراً وانتشاراً.

اختلفت المعادلات ومسارات القياس والرصد السياسي والإعلامي منذ تولي الشيخ صباح الخالد قيادة الحكومة لأربع مرات ضمن مفاجآت سياسية وتطورات متسارعة لم تكن في مصلحة الرئيس صباح الخالد إطلاقاً، نتيجة صمته داخل مجلس الأمة وخارجه!

شاع التفاؤل مع مجيء الشيخ صباح الخالد بناء على ما يتمتع به من سمعة طيبة وثقافة وخبرات، لكن برهنت الأيام أنه لا يختلف عن رؤساء حكومات سابقة سياسياً، فالصمت الإعلامي صاحبه حتى اليوم بسبب تواضع الحضور السياسي والأداء عموماً!

يبدو جلياً استسلام رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد لذات الضغوط السياسية المتنفذة والمهيمنة على ساحتي الحكومة ومجلس الأمة أيضاً، لذا خسر صباح الخالد التفاؤل والتوقعات الإيجابية فيه كرئيس حكومة عاصر أحداثاً وتعقيدات سياسية شتى، لكنه رضخ لنفس المساومات النيابية!

يتأكد خمول، بل غياب وشلل إعلامي وسياسي حكومي ضمن مركز التواصل الحكومي ووزارة الإعلام، فضبابية رؤية رئيس الحكومة والتردد في القرار أثرا بشكل سلبي في فاعلية الخطاب الرسمي مع الرأي العام، وهو الإخفاق الحكومي الرابع لرئيس الحكومة شخصياً قبل وزرائه.

تعصف في الكويت اهتزازات سياسية منذ الحكومة الأولى حتى الرابعة للشيخ صباح الخالد، من دون إدراك رئيس الحكومة للثمن السياسي والإعلامي نتيجة غياب مطلق للخطاب والحوار الإعلامي Media Discourse، وعمق الفجوة بين الحكومة والشعب.

لقاءات مكثفة جمعت رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد مع مختلف القوى السياسية قبل تشكيل الحكومة الرابعة وما قبلها أيضاً بناء على طلبه، إلا أنه عاد في حكومته الرابعة محتضناً نفس الأخطاء الفادحة سياسياً!

انتصرت كثيراً مصالح نيابية شخصية وجماعية على هيبة القرار الحكومي، ربما بسبب تنازل رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد عن صلاحياته في قيادة المشهد السياسي للمرة الرابعة لأطراف خارج النطاق الحكومي ، إن صحّ هذا الافتراض.

ينبغي على الشيخ صباح الخالد إدراك أنه سيفقد ومن دون أدنى شك مستقبلاً سياسياً، في حين المنتصر من صمته وتنازله طوعاً لغيره سيقود إلى شيوع الفوضى السياسية في الشارع الكويتي وتوغل قوى الفساد وتغلغلها في مفاصل الحكومة.