يطلق على المرأة ذات الشخصية المؤثرة أو القوية في المجتمعات العربية (مسترجلة)، ويطلق عليها في مجتمعاتنا القبلية والحضرية عدة صفات مختلفة ومصطلحات متعددة، وكلهم يجمعون أنها خارج إطار الأنوثة والحياء، وهذا بالتأكيد جور وظلم بحق المرأة خصوصاً المرأة المؤثرة والشجاعة، وللتاريخ وقفة وتوثيق بهذا الصدد لنساء من قلب الجزيرة العربية رسمن بصماتهن بالشجاعة والإقدام وقيادة الجيوش وصد الأعداء، ولن أتطرق للأسماء فهي تثير حفيظة البعض ويتحسسون من ذكر بطولات نسائهم خلاف الماضي حين كان الرجل يعتد بأخته وأمه وزوجته.. ولن أزيد على اسم امرأة حفرت باسمها تاريخاً من الحصافة والحكمة ورجاحة العقل، وهي شقيقة مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، التي كان يعتز بها ويفتخر بلقبه الشهير (أخو نورة)، فهي مستشارته وحافظة أسراره التي لعبت دورا مؤثرا في صنع الأحداث ومواكبة التطورات السياسية والاجتماعية خصوصاً في ما يتعلق بالمرأة وتعليمها وهي الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود.

رغم الحقوق التي حظيت بها المرأة في السنوات الأخيرة وبعد طي ملف كبير كان مثقلاً بالمآسي، ورغم حركة التمكين الكبيرة للمرأة السعودية وتقلدها العديد من المناصب ودعم استقلالها المادي والوظيفي، فإن المرأة في بعض البيئات الاجتماعية تواجه اليوم تحديات اجتماعية كبيرة بين فئات لم تتوافق بعد مع المتغيرات، ولم تتكيف مع الأنظمة التي سنتها الدولة لحماية حقوق المرأة، فلا تزال بعض الأسر تحتكم إلى العادات والتقاليد والموروثات البالية والفتاوى الدينية المتشددة في تعاطيها مع المرأة أكانت أماً أو أختاً وبنتاً أو زوجة، وتقتص أبسط حقوقها في التعليم والوظيفة والانخراط في مجال المال والأعمال والتنقل وتعيق زواجها وتسلبها حق الاختيار لشريك المستقبل فضلاً عن تهميشها وإقصائها من المشهد الاجتماعي وحرمانها من ممارسة الحقوق الاجتماعية البسيطة كالخروج والترويح والتنقل !

لدي قناعة تامة أن حقوق المرأة التي ذللتها لها الأنظمة والتشريعات لا تحتاج سوى إرادة وشجاعة لانتزاعها بهدوء وحكمة بأحد الأمرين: إما بالتفاهم والإقناع، أو باستحضار التشريعات وترك الخيار لمن يحاول عرقلتها وتعقيد حياتها دون الدخول في معارك وجدالات أسرية لا طائل منها، أما في حال التعنت والإصرار على سلب الحقوق الطبيعية المتاحة والتي أقرتها الدولة بقوانينها وأنظمتها فيجب هنا أن تنفض عنها كل مشاعر الخوف وتتحرر من قيود الوهم التي تقف أمام مستقبلها وحرية اختيار مسار حياتها إن كان تعليماً أو زواجاً أو وظيفة أو سفراً، ولا مشكلة إن نعتت بالمسترجلة أو... أو، فالأهم أن تحصل على ما تريد تحقيقه في ظل الأنظمة والحقوق المتاحة ولينعتوها بالمسترجلة فلا بأس وهذا لن يلغي كونها «الأنثى» الشجاعة التي انتزعت حقوقها بحكمة وعقل ومثابرة... وطالما أن الحق لا يمارسه إلا رجل في تقدير الجهلة... فاسترجلي!